بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٢٠٣
نصرنا " فألزم نفسه الصبر فقعدوا (1) وذكروا الله تبارك وتعالى وكذبوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لقد صبرت في نفسي وأهلي وعرضي ولا صبر لي على ذكرهم إلهي، فأنزل الله تعالى: " ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب * فاصبر على ما يقولون " فصبر صلى الله عليه وآله في جميع أحواله، ثم بشر في الأئمة من عترته ووصفوا بالصبر فقال: " وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون " فعند ذلك قال صلى الله عليه وآله: " الصبر من الايمان كالرأس من البدن " فشكر الله له ذلك فأنزل الله عليه: " وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون " فقال: آية بشرى وانتقام، فأباح الله قتل المشركين حيث وجدوا، فقتلهم على يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وأحبائه، وعجل له ثواب صبره مع ما ادخر له في الآخرة.
وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " وإن كان كبر عليك إعراضهم " قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يحب إسلام الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف دعاه رسول الله صلى الله عليه وآله وجهد به أن يسلم، فغلب عليه الشقاء فشق ذلك على رسول الله فأنزل الله تعالى: " وإن كان كبر عيك إعراضهم " إلى قوله: " نفقا في الأرض " يقول: سربا وقال علي بن إبراهيم في قوله: " نفقا في الأرض أو سلما في السماء ": قال: إن قدرت أن تحفر الأرض أو تصعد السماء، أي لا تقدر على ذلك، ثم قال: " ولو شاء الله لجمعهم على الهدى " أي جعلهم كلهم مؤمنين.
وقوله: " فلا تكونن من الجاهلين " مخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله والمعنى للناس، ثم قال " إنما يستجيب الذين يسمعون " يعني يعقلون ويصدقون " والموتى يبعثهم الله " أي يصدقون بأن الموتى يبعثهم الله " وقالوا لولا نزل عليه آية " أي هلا نزل عليه آية قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون " قال: لا يعلمون أن الآية إذا جاءت ولم يؤمنوا بها لهلكوا (يهلكوا خ ل).

(1) في نسخة: فتعدوا.
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست