بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧ - الصفحة ٢٧٨
خوف عليك، وثالثها أن معناه: لا حقيقة لعلمنا إذ كنا نعلم جوابهم وما كان من أفعالهم وقت حياتنا، ولا نعلم ما كان منهم بعد وفاتنا، (1) وإنما الثواب والجزاء يستحقان بما تقع به الخاتمة مما يموتون عليه، ورابعها أن المراد: لا علم لنا إلا ما علمتنا، فحذف لدلالة الكلام عليه، وخامسها أن المراد به تحقيق فضيحتهم، أي أنت أعلم بحالهم منا، ولا تحتاج في ذلك إلى شهادتنا.
وفي قوله تعالى: " فلنسئلن الذين ارسل إليهم ولنسئلن المرسلين ": أقسم الله سبحانه أنه يسأل المكلفين الذين أرسل إليهم رسله، وأقسم أيضا أنه يسأل المرسلين الذين بعثهم، فيسأل هؤلاء عن الابلاغ وأولئك عن الامتثال، وهو تعالى وإن كان عالما بما كان منهم فإنما أخرج الكلام مخرج التهديد والزجر ليتأهب العباد بحسن الاستعداد لذلك السؤال، وقيل: إنه يسأل الأمم عن الإجابة، ويسأل الرسل ماذا عملت أممهم فيما جاؤوا به، وقيل: إن الأمم يسألون سؤال توبيخ، والأنبياء يسألون سؤال شهادة على الحق. وأما فائدة السؤال فأشياء: منها أن تعلم الخلائق أنه سبحانه أرسل الرسل وأزاح العلة، وأنه لا يظلم أحدا، ومنها أن يعلموا أن الكفار استحقوا العذاب بأفعالهم، ومنها أن يزداد سرور أهل الايمان بالثناء الجميل عليهم، ويزداد غم الكفار بما يظهر من أعمالهم القبيحة، ومنها أن ذلك لطف للمكلفين إذا أخبروا به.
ومما يسأل على هذا أن يقال: كيف يجمع بين قوله تعالى: " ولا يسئل عن ذنوبهم المجرمون " (2) " فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان " (3) وقوله: " فلنسئلن الذين ارسل إليهم " (4) " فوربك لنسئلنهم أجمعين "؟ (5) والجواب عنه من وجوه: أحدها أنه سبحانه نفى أن يسألهم سؤال استرشاد و

(١) يؤيد ذلك قول عيسى بن مريم لله تعالى: " وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد " المائدة: ١١٧.
(٢) القصص: ٧٨.
(٣) الرحمن: ٣٩.
(٤) الأعراف: ٦.
(٥) الحجر: ٩٢.
(٢٧٨)
مفاتيح البحث: الشهادة (2)، الخوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * بقية أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 3 إثبات الحشر وكيفيته وكفر من أنكره، وفيه 31 حديثا. 1
3 باب 4 أسماء القيامة واليوم الذي تقوم فيه، وأنه لا يعلم وقتها إلا الله، وفيه 15 حديثا. 54
4 باب 5 صفحة المحشر، وفيه 63 حديثا. 62
5 باب 6 مواقف القيامة وزمان مكث الناس فيها، وأنه يؤتى بجهنم فيها، وفيه 11 حديثا. 121
6 باب 7 ذكر كثرة أمة محمد صلى الله عليه وآله في القيامة، وعدد صفوف الناس فيها، وحملة العرش فيها، وفيها ستة أحاديث. 130
7 باب 8 أحوال المتقين والمجرمين في القيامة، وفيه 147 حديثا. 131
8 باب ثامن آخر في ذكر الركبان يوم القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 230
9 باب 9 أنه يدعى الناس بأسماء أمهاتهم إلا الشيعة، وأن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وصهره، وفيه 12 حديثا. 237
10 باب 10 الميزان، وفيه عشرة أحاديث. 242
11 باب 11 محاسبة العباد وحكمه تعالى في مظالمهم وما يسألهم عنه، وفيه حشر الوحوش، فيه 51 حديثا. 253
12 باب 12 السؤال عن الرسل والأمم، وفيه تسعة أحاديث. 277
13 باب 13 ما يحتج الله به على العباد يوم القيامة، وفيه ثلاثة أحاديث. 285
14 باب 14 ما يظهر من رحمته تعالى في القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 286
15 باب 15 الخصال التي توجب التخلص من شدائد القيامة وأهوالها، وفيه 79 حديثا. 290
16 باب 16 تطاير الكتب وإنطاق الجوارح، وسائر الشهداء في القيامة، وفيه 22 حديثا 306
17 باب 17 الوسيلة وما يظهر من منزلة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام، وفيه 35 حديثا. 326