بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٤٨
في ذلك، فتنبه أن صفاته كلها صفات المخلوقين، وكانت معاندته مانعة عن الاذعان بالصانع تعالى فبقي متحيرا، فقال عليه السلام: إذا رجعت إلى نفسك ووجدت في نفسك صفة المخلوقين فلم لا تذعن بالصانع؟ فاعترف بالعجز عن الجواب، وقال: سألتني عن مسألة لم يسألني عنها أحد قبلك ولا يسألني أحد بعدك. قوله عليه السلام: هبك أي افرض نفسك أنك علمت ما مضى وسلمنا ذلك لك، قال الفيروزآبادي: هبني فعلت أي احسبني فعلت وأعددني، كلمة للامر فقط. وحاصل جوابه عليه السلام: أو لا أنك بنيت أمورك كلها على الظن والوهم لأنك تقطع بأنك لا تسأل بعد ذلك عن مثلها مع أنه لا سبيل لك إلى القطع به. وأما قوله عليه السلام: على أنك يا عبد الكريم نقضت قولك يحتمل وجوها:
الأول: أن يكون المراد أن نفيك للصانع مبني على أنك تزعم أن لا علية بين الأشياء ونسبة الوجود والعدم إليها على السواء، والاستدلال على الأشياء الغير المحسوسة إنما يكون بالعلية والمعلولية، فكيف حكمت بعدم حصول الشئ في المستقبل؟ فيكون المراد بالتقدم والتأخر العلية والمعلولية أو ما يساوقهما.
الثاني: أن يكون مبنيا على ما لعلهم كانوا قائلين به، وربما أمكن إلزامهم بذلك، بناءا على نفي الصانع من أن الأشياء متساوية غير متفاوتة في الكمال والنقص، فالمراد: أنك كيف حكمت بتفضيلي على غيري؟ وهو مناف للمقدمة المذكورة، فالمراد بالتقدم والتأخر ما هو بحسب الشرف.
الثالث: أن يكون مبنيا على ما ينسب إلى أكثر الملاحدة من القول بالكمون والبروز أي مع قولك بكون كل حقيقة حاصلة في كل شئ كيف يمكنك الحكم بتقدم بعض الأشياء على بعض في الفضل والشرف.
قوله عليه السلام وفي ذلك زوال وانتقال، حاصل استدلاله عليه السلام إما راجع إلى دليل المتكلمين من أن عدم الانفكاك عن الحوادث يستلزم الحدوث، أو إلى أنه لا يخلو إما أن يكون يعض تلك الأحوال الزائلة المتغيرة قديما أم لا بل يكون كلها حوادث وكل منهما محال: أما الأول فلما تقرر عند الحكماء من أن ما ثبت قدمه امتنع عدمه، و أما الثاني فللزوم التسلسل بناءا على جريان دلائل إبطاله في الأمور المتعاقبة، ويمكن
(٤٨)
مفاتيح البحث: عبد الكريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309