بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٤٣
يفسد عليك ما في يدك، فقال: ليس ذا رأيك ولكنك تخاف أن يضعف رأيك عندي في إحلالك إياه المحل الذي وصفت، فقال ابن المقفع: أما إذا توهمت علي هذا فقم إليه وتحفظ ما استطعت من الزلل، ولا تثن عنانك إلى استرسال يسلمك إلى عقال، وسمه مالك أو عليك، قال: فقام ابن أبي العوجاء وبقيت وابن المقفع فرجع إلينا وقال: يا ابن المقفع ما هذا ببشر، وإن كان في الدنيا روحاني يتجسد إذا شاء ظاهرا ويتروح إذا شاء باطنا فهو هذا، فقال له: وكيف ذاك؟ قال: جلست إليه فلما لم يبق عنده غيري ابتدأني فقال: إن يكن الامر على ما يقول هؤلاء وهو على ما يقولون - يعني أهل الطواف - فقد سلموا وعطبتم، وإن يكن الامر كما تقولون - وليس كما تقولون - فقد استويتم وهم، فقلت له: يرحمك الله وأي شئ نقول؟ وأي شئ يقولون؟ ما قولي وقولهم إلا واحدا، فقال: كيف يكون قولك وقولهم واحدا وهم يقولون: إن لهم معادا وثوابا وعقابا، ويدينون بأن للسماء إلها، وأنها عمران، وأنتم تزعمون أن السماء خراب ليس فيها أحد.
قال: فاغتنمتها منه فقلت له: ما منعه إن كان الامر كما تقول أن يظهر لخلقه ويدعوهم إلى عبادته حتى لا يختلف منهم اثنان، ولما احتجب عنهم وأرسل إليهم الرسل؟ ولو باشرهم بنفسه كان أقرب إلى الايمان به. فقال لي: ويلك وكيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك؟ نشؤك ولم تكن، وكبرك بعد صغرك، وقوتك بعد ضعفك، وضعفك بعد قوتك، وسقمك بعد صحتك، وصحتك بعد سقمك، ورضاك بعد غضبك، وغضبك بعد رضاك وحزنك بعد فرحك، وفرحك بعد حزنك، وحبك بعد بغضك، وبغضك بعد حبك، وعزمك بعد إبائك، وإباؤك بعد عزمك، وشهوتك بعد كراهتك، وكراهتك بعد شهوتك، ورغبتك بعد رهبتك، ورهبتك بعد رغبتك، ورجاؤك بعد يأسك، ويأسك بعد رجائك، وخاطرك بما لم يكن في وهمك، وعزوب ما أنت معتقده من ذهنك. وما زال يعد علي قدرته التي في نفسي التي لا أدفعها حتى ظننت أنه سيظهر فيما بيني وبينه.
بيان: قال الجزري: رعاع الناس أي غوغاؤهم وسقاطهم وأخلاطهم، الواحد:
رعاعة. قوله: ولا تثن، من الثني وهو العطف والميل أي لا ترخ عنانك إليه بأن تميل إلى الرفق والاسترسال والتساهل فتقبل منه بعض ما يلقي إليك. فيسلمك من التسليم أو
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309