بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١٨٥
في مبادي خلق العالم لقدم ذلك العلم فيلزم من التجارب الكثيرة فناء الحيوانات لقلتها في تلك الأزمنة. قوله عليه السلام: ليس بأمشاج أي أشياء مختلطة متمايزة.
أقول: كلامه عليه السلام يدل على أن خواص الأدوية وأجناسها ومنافعها ومناسبتها للأمراض إنما وصل إلى الخلق بإخبار الرسل عليهم الصلاة والسلام، ولم يصل الخلق إليها بعقولهم وتجاربهم.
متن: قلت: فأخبرني من أين علم العباد ما وصفت من هذه الأدوية التي فيها المنافع لهم حتى خلطوها وتتبعوا عقاقيرها في هذه البلدان المتفرقة، وعرفوا مواضعها ومعادنها في الأماكن المتبائنة، وما يصلح من عروقها وزنتها من مثاقيلها وقراريطها، وما يدخلها من الحجارة ومرار السباع وغير ذلك؟ قال: قد أعييت عن إجابتك (1) لغموض مسائلك وإلجائك إياي إلى أمر لا يدرك علمه بالحواس، ولا بالتشبيه والقياس، ولابد أن يكون وضع هذه الأدوية واضع، لأنها لم تضع هي أنفسها، ولا اجتمعت حتى جمعها غيرها بعد معرفته إياها، فأخبرني كيف علم العباد هذه الأدوية التي فيها المنافع حتى خلطوها وطلبوا عقاقيرها في هذه البلدان المتفرقة؟.
قلت: إني ضارب لك مثلا وناصب لك دليلا تعرف به واضع هذه الأدوية والدال على هذه العقاقير المختلفة وباني الجسد وواضع العروق التي يأخذ فيها الدواء إلى الداء. قال: فإن قلت ذلك لم أجد بدا من الانقياد إلى ذلك. قلت: فأخبرني عن رجل أنشأ حديقة عظيمة، وبنى عليها حائطا وثيقا، ثم غرس فيها الأشجار والأثمار والرياحين والبقول، وتعاهد سقيها وتربيتها، ووقاها ما يضرها، حتى لا يخفى عليه موضع كل صنف منها فإذا أدركت أشجارها وأينعت أثمارها (2) واهتزت بقولها دفعت إليه (3) فسألته أن يطعمك لونا من الثمار والبقول سميته له أتراه كان قادرا على

(1) أي قد أعجزت عن إجابتك.
(2) أينع الثمر: أدرك وطاب وحان قطافه. وفي بعض النسخ: أيفع أثمارها. فهو من أيفع الغلام: ترعرع وناهز البلوغ.
(3) في نسخة: ذهبت إليه.
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309