بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١٨٦
أن ينطلق قاصدا مستمرا لا يرجع، ولا يهوي إلي شئ يمر به من الشجرة والبقول حتى يأتي الشجرة التي سألته أن يأتيك بثمرها، والبقلة التي طلبتها حيث كانت من أدنى الحديقة أو أقصاها فيأتيك بها؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت لو قال لك صاحب الحديقة حيث سألته الثمرة: ادخل الحديقة فخذ حاجتك فإني لا أقدر على ذلك، هل كنت تقدر أن تنطلق قاصدا لا تأخذ يمينا ولا شمالا حتى تنتهي إلى الشجرة فتجتني منها؟ قال: و كيف أقدر على ذلك ولا علم لي في أي مواضع الحديقة هي؟ قلت: أفليس تعلم أنك لم تكن لتصيبها دون أن تهجم عليها بتعسف وجولان في جميع الحديقة حتى تستدل عليها ببعض حواسك بعد ما تتصفح فيها من الشجرة شجرة شجرة وثمرة ثمرة حتى تسقط على الشجرة التي تطلب ببعض حواسك إن تأتيها، وإن لم ترها انصرفت؟.
قال: وكيف أقدر على ذلك ولم أعاين مغرسها حيث غرست، ولا منبتها حيث نبتت، ولا ثمرتها حيث طلعت. قلت: فإنه ينبغي لك أن يدلك عقلك حيث عجزت حواسك عن إدراك ذلك إن الذي غرس هذا البستان العظيم فيما بين المشرق والمغرب وغرس فيه هذه الأشجار والبقول هو الذي دل الحكيم الذي زعمت أنه وضع الطب على تلك العقاقير ومواضعها في المشرق والمغرب، وكذلك ينبغي لك أن تستدل بعقلك على أنه هو الذي سماها وسمى بلدتها وعرف مواضعها كمعرفة صاحب الحديقة الذي سألته الثمرة، وكذلك لا يستقيم ولا ينبغي أن يكون الغارس والدال عليها إلا الدال على منافعها ومضارها وقراريطها ومثاقيلها.
قال: إن هذا لكما تقول. قلت: أفرأيت لو كان خالق الجسد وما فيه من العصب واللحم والأمعاء والعروق التي يأخذ فيها الأدوية إلى الرأس وإلى القدمين وإلى ما سوى ذلك غير خالق الحديقة وغارس العقاقير، هل كان يعرف زنتها ومثاقيلها وقراريطها وما يصلح لكل داء منها، وما كان يأخذ في كل عرق؟.
قال: وكيف يعرف ذلك أو يقدر عليه وهذا لا يدرك بالحواس، ما ينبغي أن يعرف هذا إلا الذي غرس الحديقة وعرف كل شجرة وبقلة وما فيها من المنافع والمضار قلت: أفليس كذلك ينبغي أن يكون الخالق واحدا؟ لأنه لو كان اثنين أحدهما خالق
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309