بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١٨٩
السهل والجبل فلو لم تقبض أمواجه ولم تحبس في المواضع التي أمرت بالاحتباس فيها لا طبقت على الدنيا حتى إذا انتهت على تلك المواضع التي لم تزل تنتهي إليها ذلت أمواجه وخضع أشرافه.
قال: إن ذلك لكما وصفت ولقد عاينت منه كل الذي ذكرت، ولقد أتيتني ببرهان ودلالات ما أقدر على إنكارها ولا جحودها لبيانها. قلت: وغير ذلك سآتيك به مما تعرف اتصال الخلق بعضه ببعض، وأن ذلك من مدبر حكيم عالم قدير، ألست تعلم أن عامة الحديقة ليس شربها من الأنهار والعيون وأن أعظم ما ينبت فيها من العقاقير والبقول التي في الحديقة ومعاش ما فيها من الدواب والوحش والطير من البراري التي لا عيون لها ولا أنهار إنما يسقيه السحاب؟ قال: بلى. قلت: أفليس ينبغي أن يدلك عقلك وما أدركت بالحواس التي زعمت أن الأشياء لا تعرف إلا بها أنه لو كان السحاب الذي يحتمل من المياه إلى البلدان والمواضع التي لا تنالها ماء العيون والأنهار وفيها العقاقير والبقول والشجر والأنام لغير صاحب الحديقة لأمسكه عن الحديقة إذا شاء.
ولكان خالق الحديقة من بقاء خليقته التي ذرأ وبرأ على غرور ووجل، خائفا على خليقته أن يحبس صاحب المطر الماء الذي لا حياة للخليقة إلا به؟.
قال: إن الذي جئت به لواضح متصل بعضه ببعض، وما ينبغي أن يكون الذي خلق هذه الحديقة وهذه الأرض، وجعل فيها الخليقة وخلق لها هذا المغيض، وأنبت فيها هذه الثمار المختلفة إلا خالق السماء والسحاب، يرسل منها ما شاء من الماء إذا شاء أن يسقي الحديقة ويحيي ما في الحديقة من الخليقة والأشجار والدواب والبقول وغير ذلك، إلا أني أحب أن تأتيني بحجة أزداد بها يقينا وأخرج بها من الشك. قلت:
فإني آتيك بها إن شاء الله من قبل إهليلجتك واتصالها بالحديقة، وما فيها من الأشياء المتصلة بأسباب السماء لتعلم أن ذلك بتدبير عليم حكيم.
قال: وكيف تأتيني بما يذهب عني الشك من قبل الإهليلجة؟ قلت: فيما أريك فيها من إتقان الصنع، وأثر التركيب المؤلف، واتصال ما بين عروقها إلى فروعها، واحتياج بعض ذلك إلى بعض حتى يتصل بالسماء. قال: إن أريتني ذلك لم أشك. قلت: ألست
(١٨٩)
مفاتيح البحث: الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309