كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ٢٢٦
عليه ما نقله الخاص والعام من أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما رجع من حجة الوداع نزل بغدير خم ولم يكن منزلا ثم أمر مناديه فنادى في الناس بالاجتماع فلما اجتمعوا خطبهم ثم قررهم على ما جعله الله تعالى له عليهم من فرض طاعته وتصرفهم بين امره ونهيه بقوله الست أولي بكم منكم بأنفسكم فلما أجابوه بالاعتراف وأعلنوا بالاقرار رفع بيد أمير المؤمنين عليه السلام وقال عاطفا على التقرير الذي تقدم به الكلام فمن كنت مولاه فهذا علي مولاة اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله فجعل لأمير المؤمنين عليه السلام من الولاء في أعناق الأمة مثل ما جعل الله له عليهم مما اخذ به اقرارهم لأن لفظة مولى يفيد ما تقدم من التقرير من ذكر الأولى فوجب ان يريد بالكلام الثاني ما قررهم عليه في الأول وأن يكون المعنى فيهما واحدا حسبما يقتضيه استعمال أهل اللغة وعرفهم في خطابهم وهذا يوجب ان يكون أمير المؤمنين عليه السلام أولي بهم من أنفسهم ولا يكون أولي بهم إلا وطاعته فرض عليهم وامره ونهيه نافذ فيهم وهذه رتبة الامام في الأنام قد وجبت بالنص لأمير المؤمنين عليه السلام واعلم أيدك انك تسئل في هذا الدليل عن أربعة مواضع أحدها ان يقال لك ما حجتك على صحة الخبر في نفسه فانا نرى من يبطله وثانيها ان يقال لك ما الحجة على أن لفظه مولى يحتمل أولي وانها أحد أقسامها وثالثها إذا ثبت انها أحد محتملاتها فما الحجة على أن المراد بها في الخبر الأولى دون ما سوى ذلك من أقسامها ورابعها ما الحجة على أن الأولى هو الامام ومن أين يستفاد ذلك في الكلام (الجواب) عن السؤال الأول أما الحجة على صحة خبر الغدير فما يطالب بها إلا متعنت لظهوره وانتشاره وحصول العلم لكل من سمع الاخبار به ولا فرق بين من قال ما الحجة على صحة خبر الغدير وهذه حالة وبين من قال ما الحجة على أن النبي صلى الله عليه وآله حج حجة الوداع لأن ظهور الجميع وعموم العلم به بمنزلة واحدة وبعد فقد اختص هذا الخبر بما لم يشركه فيه سائر الأخبار فمن ذلك ان الشيعة نقلته وتواترت به وقد نقله أصحاب السير نقل المتواترين به يحمله خلف عن سلف وضمنه جميعهم الكتب بغير اسناد معين كما فعلوا في ايراد الوقائع الظاهرة والحوادث الكائنة التي لا يحتاج في العلم بها إلى سماع الأسانيد المتصلة الا ترى إلى وقعة بدر وحنين وحرب الجمل وصفين كيف لا يفتقر في العلم بصحة شئ من ذلك إلى سماع اسناد ولا اعتبار أسماء الرجال لظهوره المغنى
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»