كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ٢٣٠
عطفوا عليها بكلام محتمل لما تقدم به التصريح ولغيره فإنهم لا يريدون بالمحتمل إلا ما صرحوا به من الخطاب المتقدم مثال ذلك ان رجلا لو اقبل على جماعة فقال ألستم تعرفون عبدي فلانا الحبشي ثم وصف لهم أحد عبيده وميزه عنهم بنعت يخصه صرح به فإذا قالوا بلى قال لهم عاطفا على ما تقدم فاشهدوا ان عبدي حر لوجه الله عز وجل فإنه لا يجوز ان يريد بذلك إلا العبد الذي سماه وصرح بوصفه دون ما سواه ويجري هذا مجرى قوله فاشهدوا ان عبدي حر لوجه الله عز وجل ولو أراد غيره من عبيده لكان ملغزا مبين في كلامه وإذا كان الامر كما وصفنا وكان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يزل مجتهدا في البيان غير مقصر فيه من الامكان وكان قد اتى في أول كلامه يوم الغدير بأمر صرح به وقرر أمته عليه وهو انه أولي بهم بأنفسهم على المعنى الذي قال الله تعالى في كتابه * (النبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم) * الأحزاب ثم عطف على ذلك بعد ما ظهر من اعترافهم بقوله فمن كنت مولاه فعلي هذا مولاه وكانت مولاه يحتمل ما صرح به في مقدمه كلامه ويحتمل غيره لم يجز ان يريد إلا ما صرح به في كلامه الذي قدمه واخذ اقرار أمته به دون سائر أقسام مولى وكان هذا قائما مقام قوله فمن كنت أولي به من نفسه فعلي أولي به من نفسه وحاشى الله ان لا يكون الرسول صلى الله عليه وآله أراد هذا بعينه (ووجه) آخر وهو ان قول النبي صلى الله عليه وآله فمن كنت مولاه فعلى مولاه لا يخلو من حالين أما ان يكون أراد بمولى ما تقدم به التقرير من الأولى أو يكون أراد قسما غير ذلك من أحد محتملات مولى فإن كان أراد الأول فهو ما ذهبنا إليه واعتمدنا عليه وإن كان أراد وجها غير قدمه من أحد محتملات مولى فقد خاطب الناس بخطاب يحتمل خلاف مراده ولم يكشف لهم فيه عن قصده ولا في العقل دليل عليه يغني عن التصريح بمعنى ما نحال إليه وهذا لا يجيزه رسول الله صلى الله عليه وآله إلا جاهل لا عقل له (الجواب) عن السؤال الرابع وأما الحجة على أن لفظة أولي يفيد معنى الإمامة والرئاسة على الأمة فهو انا نجد أهل اللغة لا يصفون بهذه اللفظة إلا من كان يملك تدبير ما وصف بأنه أولي به وتصريفه وينفذ فيه امره ونهيه الا تراهم يقولون إن السلطان أولي بإقامة الحدود من الرعية والمولى أولي بعبده والزوج أولي بامرأته وولد الميت أولي بميراثه من جميع أقاربه
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»