كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ٢١٤
سباتا) * النبأ فقال إذا كان السبات هو النوم فكأنه قال وجعلنا نومكم نوما فما الفائدة في هذا (الجواب) قلنا في هذه الآية وجوه منها ان السبات أحد أقسام النوم وهو النوم الممتد الطويل ولهذا يقال فيمن كثر نومه انه مسبوت وبه سبات ولا يقال ذلك في كل نائم والوجه في الامتنان علينا بان جعل نومنا ممتدا طويلا ظاهر وهو لما لنا في ذلك من المنفعة بالراحة لأن التهويم والنوم الغرار لا يكسبنا شيئا من الراحة بل يصحبهما في الأكثر الانزعاج والقلق والهموم التي تقلل النوم ورخاء البال وفراغ القلب يكون معهما كثرته وامتداده ومنها ان يكون المراد بذلك انا جعلنا نومكم سباتا ليس بموت لأن النائم قد يفقد من علومه وقصوده وأحواله فيسمى النوم بالسبت للفراغ الذي كان فيه ولأن الله تعالى أمر بني إسرائيل بالاستراحة من الأعمال وقد قيل إن أصل السبات التمدد ويقال سبتت المراة شعرها إذا حلته من العقص ومنها ان يكون المراد بالسبت القطع فيكون نومنا قطعا لأعمالنا ومتصرفاتنا وهو راجع إلى معنى الراحة (فصل) مما روى عن لقمان من حكمته ووصيته لابنه يا بني أقم الصلاة فإنما مثلها في دين الله كمثل عمود فسطاط فإن العمود إذا استقام نفعت الاطناب والأوتاد والظلال وان لم يستقم لم ينفع وتد ولا طنب ولا ظلال أي بني صاحب العلماء وجالسهم وزرهم في بيوتهم لعلك ان تشبههم فتكون منهم اعلم يا بني اني ذقت الصبر وأنواع المر فلم أر أمر من الفقر فإن افتقرت يوما فاجعل فقرك بينك وبين الله ولا تحدث الناس بفقرك فتهون عليهم ثم سل في الناس هل من أحد دعا الله فلم يجبه أو سئله فلم يعطه يا بني ثق بالله عز وجل ثم سل في الناس هل من أحد وثق بالله فلم ينجه يا بني توكل على الله ثم سل في الناس من ذا الذي توكل على الله فلم يكفه يا بني أحسن الظن بالله ثم سل في الناس من ذا الذي أحسن الظن بالله فلم يكن عند حسن ظنه به يا بني من يرد رضوان الله يسخط نفسه كثيرا ومن لا يسخط نفسه لا يرض ربه ومن لا يكظم غيظه يشمت عدوه يا بني تعلم الحكمة تشرف فإن الحكمة تدل على الدين وتشرف العبد على الحر وترفع المسكين على الغني وتقدم الصغير على الكبير وتجلس المسكين مجالس الملوك وتزيد الشريف شرفا والسيد سؤددا والغنى مجدا وكيف يظن ابن ادم ان يتهيأ له أمر دينه ومعيشته بغير حكمة ولن يهيئ الله عز وجل أمر الدنيا والآخرة إلا بالحكمة ومثل الحكمة بغير طاعة مثل الجسد بلا نفس (أو مثل الصعيد بلا ماء ولا صلاح للجسد بلا نفس) ولا للصعيد بغير ماء ولا للحكمة بغير طاعة (أحاديث عن أبي ذر الغفاري) (اخبرني) الشريف أبو منصور أحمد
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»