كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ٢١٢
ليجادلوكم) * الانعام وقال * (شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا) * الانعام وما ورد السمع به فلا طريق إلى دفعه فاما كيفية وسوسة الجني للانسي فهو ان الجن أجسام رقاق لطاف فيصح ان يتوصل أحدهم برقة جسمه ولطافته إلى غاية سمع الانسان ونهايته فيوقر فيه كلاما يلبس عليه إذا سمعه ويشبه عليه بخواطره لأنه لا يرد عليه ورود المحسوسات من ظاهر جوارحه ويصح ان يفعل هذا بالنائم واليقظان جميعا وليس هو في العقل مستحيلا (وروى) جابر بن عبد الله أنه قال بينما رسول الله صلى الله عليه وآله يخطب إذ قام إليه رجل فقال يا رسول الله اني رأيت كان رأسي قد قطع وهو يتدحرج وانا اتبعه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا تحدث بلعب الشيطان بك ثم قال إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يحدثن به أحدا وأما رؤية الانسان للنبي صلى الله عليه وآله أو لاحد الأئمة عليهم السلام في المنام فإن ذلك عندي على ثلاثة أقسام قسم اقطع على صحته وقسم اقطع (على بطلانه وقسم أجوز فيه الصحة والبطلان فلا اقطع فيه على حال فاما الذي اقطع على صحته) فهو كل منام رأى فيه النبي صلى الله عليه وآله أو أحد الأئمة عليهم السلام وهو فاعل لطاعة أو آمر بها وناه عن معصية أو مبين لقبحها وقائل لحق أو داع إليه أو زاجر عن باطل أو ذام لما هو عليه وأما الذي اقطع على بطلانه فهو كل ما كان على ضد ذلك لعلمنا ان النبي والامام عليهما السلام صاحبا حق وصاحب الحق بعيد عن الباطل وأما الذي أجوز فيه الصحة والبطلان فهو المنام الذي يرى فيه النبي أو الامام عليهم السلام وليس هو آمرا ولا ناهيا ولا على حال يختص بالديانات مثل ان يراه راكبا أو ماشيا أو جالسا ونحو ذلك فاما الخبر الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وآله من قوله من رآني فقد رآني فإن الشيطان لا يتشبه بي فإنه إذا كان المراد به المنام يحمل على التخصيص دون ان يكون في حال ويكون المراد به القسم الأول من الثلاثة أقسام لأن الشيطان لا يتشبه بالنبي صلى الله عليه وآله في شئ من الحق والطاعات وأما ما روى عنه صلى الله عليه وآله من قوله من رآني نائما فكانما رآني يقظانا فإنه يحتمل وجهين أحدهما ان يكون المراد به رؤية المنام ويكون خاصا كالخبر الأول على القسم الذي قدمناه والثاني ان يكون أراد به رؤية اليقظة دون المنام ويكون قوله نائما حالا للنبي صلى الله عليه وآله وليست حالا لمن رآه فكأنه قال من رآني وانا نائم فكانما رآني وانا منتبه والفائدة في هذا المقام ان يعلمهم بأنه يدرك في الحالتين ادراكا واحدا فيمنعهم ذلك إذا حضروا عنده وهو نائم ان يفيضوا فيما لا يحسن ان يذكروه بحضرته وهو منتبه وقد روى
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»