كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ١٩٢
والضرب الثاني ما عبر عنه بلفظ الجمع المنكر كقولك دراهم ودنانير فذلك لا يصح في أقل من ثلاثة والضرب الثالث ما حصل فيه علامة الاستيعاب من التعريف بالألف واللام وبمن الموضوعة للشرط والجزاء فمتى قال لعبده عظم العلماء فقد وجب عليه تعظيم جميعهم وإذا قال من دخل داري أكرمته وجب عليه اكرام جميع الداخلين داره والأسماء الظاهرة ما استغنت في حقائقها عن مقدمة لها والمكنية ما يصح الابتداء بها وحكم الكناية في العموم والخصوص حكم ما تقدمها والكناية والعطف والاستثناء إذا اعقب جملا فهو راجع إلى جميعها إلا أن يكون هناك دليل يقصرها على شئ منها وما ورد عن الله سبحانه وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن الأئمة الراشدين عليهم السلام من بعده على سبب أو كان جوابا عن سؤال فإنه يكون محكوما له بصورة لفظة دون القصر له على السبب المخرج له عن حكم ظاهره وليس وروده على الأسباب بمناف لحمله على حقيقته في الخطاب في عقل أو عرف ولا لسان وإنما يجب صرفه عن ظاهره لقيام دلالة تمنع من ذلك من التضاد في الحقيقة والمجاز والحقائق والمجازات إنما هي في الألفاظ والعبارات دون المعاني المطلوبات والحقيقة من الكلام ما يطابق المعنى الموضوع له في أصل اللسان والمجاز منه ما عبر به من غير معناه في الأصل تشبيها واستعارة لغرض من الأغراض وعلى وجه الايجاز والاختصار ووصف الكلام بالظاهر وتعلق الحكم به انما يقصد به إلى الحقيقة منه والحكم بالاستعارة فيه إنما يراد به المجاز وكذلك القول في التأويل والباطن إنما يقصد به إلى العبارة عن مجاز القول واستعارته حسبما ذكرناه والحكم على الكلام بأنه حقيقة أو مجاز لا يجوز إلا بدليل يوجب اليقين ولا يسلك فيه طريق الظنون والعلم بذلك من وجهين أحدهما الاجماع من أهل اللسان والاخر الدليل المثمر للبيان فاما اطلاق بعض أهل اللغة أو بعض أهل الاسلام ممن ليس بحجة في المقال والفعال فإنه لا يعتمد في اثبات حقيقة الكلام فمتى التبس اللفظ فلم يقم دليل على حقيقة فيه أو مجاز فيه وجب الوقف لعدم البرهان وليس بمصيب من ادعى ان جميع القرآن على المجاز وظاهر اللغة يكذبه ودلائل العقول والعادات تشهد بان جمهوره على حقيقة كلام أهل اللسان ولا بمصيب أيضا من زعم أنه لا يدخله المجاز وقد خصمه في ذلك قوله سبحانه * (فوجدا فيها جدارا يريد ان ينقض) * الكهف وغيره من الآيات والواجب ان يقال إن منه حقيقة ومنه مجاز فاما القول في الحظر والإباحة فهو ان العقول لا مجال لها في العلم بإباحة ما يجوز ورود السمع فيها بإباحته ولا بحظر ما يجوز وروده فيها بحظره ولكن العقل لم ينفك قط من السمع بإباحته وحظره ولو احكى الله تعالى العقلاء حالا واحدة من سمع لكان قد اضطرهم إلى موافقة ما
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»