شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٣٣٠
ومنه السفه والأذى والمعاجلة في العقوبة والحلم صفة توجب العزة فيهما أما في الآخرة فظاهر لأنه من جلايل الصفات الموجبة لرفع الدرجات، وأما في الدنيا فظاهر أيضا لأن الحليم عزيز عند الخلايق كلهم ولذلك قال أمير المؤمنين (عليه السلام) «الحلم عشيرة» (1) بالعشيرة يتمتع بالحلم ويتوقر لأجله.
* الأصل 6 - عنه، عن بعض أصحابه، رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): كفى بالحلم ناصرا، وقال: إذا لم تكن حليما فتحلم.
* الشرح قوله: (كفى بالحلم ناصرا) المراد أن الحلم ناصر كاف للحليم لأن الناس يحبونه ويميلون إليه ويعينونه في المكاره وقال (إذا لم تكن حليما فتحلم) (2)

1 - قوله «الحلم عشيرة» يرى الجهلاء أن الحلم من الضعف والرجل القوى الغيور لا يتحمل إيذاء الناس وقبول الظلم أفحش من الظلم وربما يتمسك بقول الله تعالى «من إعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما إعتدى عليكم» وقال تعالى «ولكم في القصاص حيوة يا أولى الألباب» وقال تعالى «ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا» وأيضا السكوت على الظلم والرضا به يوجب تجرى الظالم فإذا علم إن الناس مأمورون بالسكوت زادوا في الظلم والجواب إن للحلم مقاما ولطلب الحقوق مقاما آخر والقدر المسلم إن الإنسان لا يجوز أن ينقاد لعواطفه المترتبة على شهوته وغضبه بحيث يسلب عنه الاختيار ويجري على ما يقتضيه قوته الواهمة با يجب أن يكون مالكا لنفسه ولا يكون قصاصه وإنتقامه وقيامه على من إعتدى عليه إلا بمقتضى عقلية لارضاء عواطفه ومتابعة هواه وشهواته فإنه بهذا يمتاز عن الحيوان وتربية الحلم هي من وظائف الإنسان لا تربية الهوى فإن الحلم هو الذي يبقى له في الآخرة وهو مقتضى العقل والعقل يبقى بجميع ما يقضيه. (ش) 2 - قوله «إذا لم يكن حليما فتحلم» إستدل جماعة من الفلاسفة بوجود الاختيار للإنسان على تجرده ذاتا وبقائه بعد الموت قالوا كل حالة جسمانية لابد أن تحصل جبرا قسرا ولا يستطيع أحد أن يمتنع عنها ويدفعها عن نفسه بل هي أثر حاصل بتأثير مؤثر خارجي أو داخلي في بعض الأعضاء ونحن مجبورون مقهورون في قبوله كالرؤية بالعين فإنها بتأثير النور في الجليدية ولا نستطيع أن لا نرى مع هذا التأثير أيضا ونعض الأبصار ونطبق إلا جفان قهرا عند تحريك أحد إصبعه إليها ويحصل المحبة والخوف عند حصول أسبابها لدنيا قهرا ويضطرب القلب عند الحزن ويجري الدمع ويعرضنا العطاس عند البرد مطلقا وكان جميع حالاتها وعوارضها ناشئة من مزاجات في البدن وتأثيرات خاصة لخصوص مواد وتراكيب في خلاياها وذراتها لزم كون جميعها قهرية ولا يكون للنفس إختيار في أي أمر من أمورها ولكن ليس كذلك فإن معارضة الحلم مثلا للغضب واختيار الإنسان أن يكظم غيظه وقدرته على ذلك تدل على وجود مبدء مستقل له غير متوقف على آلية البدن ولا يجوز أن يغتر بما يتوقف على الآلة كالسمع والبصر وغيرهما من القوى الجسمانية فإن لنا حالات غير متوقفة على الآلات كادراك الكلي والاختيار. (ش)
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428