شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ٢١٥
كانت عظيمة يقل بها صبري ويرق لها تجلدي فإن المصيبة بفراقك أجل وأعظم والبلية بموتك أكمل وأفخم، كما صبرت على هذه أصبر على تلك بطريق أولى، وفي بعض النسخ موضع ثغر بالثاء المثلثة والغين المعجمة وهو تصحيف، ولعل المراد على تقدير ثبوته أن لي بسنتك في فرقتك موضع ثغر أي موضع مخافة لهجوم الأعداء علي، ولي اسوة بها في فرقة صفيتك يعني حصل لي بذلك أيضا موضع ثغر ومخافة لهجومهم والأنسب بهذا المعنى أن يقرأ (ألا) بالتخفيف للتنبيه و «إن» بكسر الهمزة.
قوله (فلقد وسدتك في ملحودة قبرك) الوساد والوسادة المخدة وقد وسدته الشيء فتوسده جعلته تحت رأسه. واللحد الشق المائل في جانب القبر يقال: لحدت القبر فالقبر ملحود وألحدته فهو ملحد، وإضافة الملحودة إلى القبر بيانية وتأنيثها باعتبار القطعة أو البقعة وفيه إظهار للتفجع بمصيبته به (صلى الله عليه وآله) والتوجع بمقاساته ألم الفراق منه كما في قوله «وفاضت نفسك» أي خرجت روحك «بين نحري وصدري» فإن أعظم المصائب وأشد الآلام أن يخرج روح أحب الخلق إلى الرجل ورأسه في صدره، ويدفنه في قبره بيده.
قوله (بلى وفي كتاب الله لي أنعم القبول) أي أطيب القبول وأحسنه وهو كناية عن الرضاء بقضاء الله وبما أثبته في كتابه قال جل شأنه: (إنك ميت وإنهم ميتون) وقال (كل نفس ذائقة الموت).
فإن قلت: بلى ايجاب بعد النفي أو الاستفهام كما إذا قيل: لم يقم زيد أو ألم يقم فقلت: بلى، كان المعنى قد قام وليس هنا بعدهما؟ قلت هذا الكلام استئناف جواب عما يقال: أليس في كتاب لله ما ينعم البال ويطيب النفس بمثل تلك المصيبة؟ ثم تمسك بالله وفوض أمره إليه وأقر بملك الأشياء كلها له وجريان حكمه عليها بقوله: (إنا لله وإنا إليه راجعون) وامتثالا لقوله عزوجل:
(وبشر اللذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) ثم رجع إلى ما ورد عليه جديدا من مصيبة الزهراء وإظهار التوجع عليها فقال: قد استرجعت الوديعة واخذت الرهينة، كما هو شأن أصحاب المصائب المكاثرة حيث يذكرون بعضها في بعض وينتقلون من بعضها إلى بعض، وإطلاق الوديعة والرهينة على نفسها القدسية المطهرة من باب الاستعارة، ووجه الاستعارة الأولى أن المرأة عند الزوج كالوديعة كما يقال: النساء ودائع الكرام، أو أن النفس في هذا البدن تشبه الوديعة في رجوعها إلى مالكها وقتا ما، ووجوب حفظها من المهلكات. ووجه الثانية أن النفس رهينة بما كسبت ومعناه أن الكسب لازم لها لابد منه. فشبهها في لزومه لها وعدم انفكاكه منها بالرهن في يد المرتهن.
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب 3
2 باب ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ 14
3 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام 22
4 باب أن الأرض كلها للامام (عليه السلام) 34
5 باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر 43
6 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية 51
7 باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية 128
8 باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم 137
9 باب النهي عن الإشراف على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) 194
10 باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه 196
11 باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام) 213
12 باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما 226
13 باب مولد الحسين بن علي (عليهما السلام) 231
14 باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام) 236
15 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام 240
16 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام 245
17 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام 252
18 باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام 273
19 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام 284
20 باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام 296
21 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام 312
22 باب مولد الصاحب (عليه السلام) 335
23 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم (عليهم السلام) 357
24 باب في ذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فهو الذي قيل 383
25 باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون إليه (عليهم السلام) 384
26 باب صلة الإمام (عليه السلام) 386
27 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه 389
28 فهرس الآيات 417