شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٩٥
(قد احتج عليكم بما عرفكم من نفسه) يشير إليه قول الصادق (عليه السلام) أيضا ليس لله على خلقه أن يعرفوا وللخلق على الله أن يعرفهم ولله على الخلق إذا عرفهم أن يقبلوا (1) توضيح ذلك أن الله عرفهم وجوده وعلمه وقدرته وحكمته أولا بما يدل على ذلك بالضرورة فإن من تأمل خلق السماوات والأرض وما بينهما سيما في بدء خلقه في ظلمات الأرحام ومتضاعفات الأستار واستقراره في قرار مكين إلى قدر معلوم وأجل معين وانقلابه في بطن امه من حال إلى حال وهو لا يعلم دعاء ولا يسمع نداء وخروجه من ذلك المضيق إلى منزل لم يشهده ومقام لم يعرفه، واجترار غذائه من الثدي عند الحاجة يعلم أن له إلها صانعا قادرا حكيما عليما وهذا العلم ضروري وإن احتاج إلى تنبيه كما ورد في مواضع من القرآن العزيز.
ثم عرفهم ما وراء ذلك من صفات الكمال وعينيتها ونعوت الجلال التي لا يطلع عليها العقول بالاستقلال إلا بالإشراقات القلبية وإرسال الرسل وإنزال الكتب ونصب الإمام ليحيى من حي بينة ويهلك من هلك عن بينة ولئلا يكون للناس على الله حجة فوجب عليهم أن يعرفوه كما عرفهم وأن يصفوه بما وصف به نفسه، ومن وصفه بغير ذلك فقد أشرك به وألحد في أمره وتعدى في حقه.

1 - سيأتي في باب حجج الله على خلقه من كتاب التوحيد.
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست