شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٩٤
الإدراك الذي بالمداخلة فالأصوات) أي فإدراك الأصوات (والمشام) قيل: هي المشموم من باب استعمال المفاعل في المفاعيل، وقيل: هي جمع المشم وهو ما يشم (والطعوم) هذه الثلاثة يتحقق إدراكها بدخولها في الحاسة أما الصوت فإن إدراكه مشروط بدخول الهواء المتكيف به في الصماخ ووصوله إلى القوة المنبثة في العصب المفروش في مقعره وأما المشموم فإن إدراكه متوقف على دخول الهواء المتكيف به في الخيشوم ووصوله إلى القوة الكاينة في الزايدتين الشبيهتين بحلمتي الثدي، وأما الطعم فإن إدراكه مفتقر إلى تكيف الرطوبة اللعابية به ووصول تلك الرطوبة إلى القوة المنبثة في العصب المفروش على جرم اللسان.
(وأما الإدراك بالمماسة فمعرفة الأشكال من التربيع والتثليث) الشكل هيئة حاصلة من إحاطة حد أو حدود، وعدة بعضهم من المبصرات.
(ومعرفة اللين والخشن والحر والبرد) الخشونة عند أهل اللغة ضد اللين وقد خشن الشيء بالضم فهو خشن إذا اختلفت أجزاؤه الظاهرة في الارتفاع والانخفاض وعند جماعة من الحكماء والمتكلمين ضد الملاسة دون اللين، واللين عندهم ضد الصلابة دون الخشونة، وقالوا: الخشونة اختلاف الأجزاء في ظاهر الجسم بأن يكون بعضها نباتا وبعضها غايرا والملابسة عبارة عن استوائها.
واللين كيفية تقتضي سهولة قبول الغمز في الباطن ويكون للشيء بها قوام غير سيال فينتقل عن وضعه ولا يمتد كثيرا ولا يتفرق بسهولة وإنما يكون الغمز بسبب الرطوبة وتماسكه بسبب اليبوسة والصلابة بخلافه، وإدراك هذه الكيفيات متوقف على مماستها بالقوة اللامسة.
(وأما الإدراك بلا مماسة ولا مداخلة فالبصر) أي فإدراك البصر (فإنه يدرك الأشياء بلا مماسة ولا مداخلة) أي بلا مماسة تلك الأشياء ولا مداخلتها فيه (في حيز غيره) الجار متعلق بيدرك أي يدرك البصر في حيز غيره، وهو الحيز الذي فيه المرئي بأن يخرج من البصر شعاع يمتد إلى المرئي ويراه في موضعه أو يحدث في سطح المرئي عند مقابلته بالباصرة شعاع مثل الشعاع البصري ويصير آلة لإدراك البصر له في حيزه، وقد رجح الثاني على الأول بأن الأول مستلزم لانتقال العرض عن موضعه وقد برهن على امتناع ذلك في موضعه، وهذا كما ترى منطبق على أن الإبصار بخروج الشعاع حقيقة كما في الأول أو توهما كما في الثاني، ويمكن انطباقه على مذهب من قال بأن الإبصار باعتبار أن الهواء المشف الواقع بين البصر والمرئي يتكيف بكيفية الشعاع البصري ويصير بذلك آلة لإبصار المرئي في موضعه ولكن الأنسب بسياق العبارات الآتية هو الأول.
(ولا في حيزه) عطف على قوله «في حيز غيره» أي البصر يدرك الأشياء لا في حيزه بأن يدخل
(١٩٤)
مفاتيح البحث: الطعام (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست