شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٩٣
حمل البصر على ما لا سبيل له فيه رجع راجعا فحكى ما وراءه كالناظر في المرآة لا ينفذ بصره في المرآة فإذا لم يكن له سبيل رجع راجعا، يحكي ما وراءه وكذلك الناظر في الماء الصافي يرجع راجعا فيحكي ما وراءه إذ لا سبيل له في إنفاذ بصره، فأما القلب فانما سلطانه على الهواء فهو يدرك جميع ما في الهواء ويتوهمه، فإذا حمل القلب على ما ليس في الهواء موجودا رجع راجعا فحكى ما في الهواء، فلا ينبغي للعاقل أن يحمل قلبه على ما ليس موجودا في الهواء من أمر التوحيد جل الله وعز فانه إن فعل ذلك لم يتوهم إلا ما في الهواء موجود كما قلنا في أمر البصر تعالى الله أن يشبهه خلقه.
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن بعض أصحابه عن هشام بن الحكم قال:) أي قال: هشام من قبله لا من جهة الرواية عن المعصوم، ويحتمل أن يكون من مسموعاته عنه (1).
(الأشياء لا تدرك إلا بأمرين بالحواس والقلب) الغرض منه أن المبدء تعالى شأنه لا يمكن إدراكه بشيء منهما كما سيتضح ذلك ولعل ذكره في هذا المقام باعتبار أنه يصلح أن يكون تفسيرا للآية المذكورة وبيانا لحملها على نفي الإدراك مطلقا.
(والحواس إدراكها على ثلاثة معان) يشمل هذه المعاني الثلاثة إدراك الحواس الخمس الظاهرة كما ستعرفه ويعرف حكم الحواس الباطنة بالقياس إليها بأدنى تأمل.
(إدراك بالمداخلة) أي بدخول المدرك في المدرك وحصول المحسوس في مكان الحاسة (وإدراك بالمماسة) أي بمماسة المدرك بالمدرك واتصافه به (وإدراك بلا مداخلة ولا مماسة فأما

١ - قوله «ويحتمل أن يكون من مسموعاته» جميع ما هو حق وصواب مأخوذ من الأئمة (عليهم السلام) خصوصا ما عند الشيعة ولكن احتمال أن يكون هذا رواية احتمال باطل وظاهر الكلام أنه قول هشام بن الحكم ونقل أقوال غير الأئمة معهود من الكليني فقد أورد في باب الميراث كلام الفضل بن شاذان في العول وفي باب الطلاق كلام جماعة.
وأما قوله «بالحواس والقلب» القلب في اصطلاح العرفاء وفي كثير من الأحاديث هو النفس الناطقة ولهم لطائف سبع مشهورة: الطبع، والنفس، والقلب، والروح، والسر، والخفي. والأخفى، فالطبع: النامية والنفس: القوة الحيوانية وهي الصدر، والقلب: النفس الناطقة، والروح: العقل بالفعل أو المستفاد، والسر: هو العقل الفعال المتحد بالانسان، والخفي: معرفة الصفات، والأخفى: فناء السالك في مقامه لسطوع نور الأحدية. وهذا كثير التداول عندهم إلا أن اطلاق القلب على النفس الناطقة أكثر تداولا جدا قال تعالى «ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، أي نفسين، وينبغي أن يكون مراد هشام بن الحكم هنا أعم من النفس الناطقة والحواس الباطنة. (ش)
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»
الفهرست