شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٦
المنفي وهو السقوط والانحدار وفي بعضها بالفاء وهذا الكلام حينئذ إما متفرع على النفي يعني علم من عدم سقوط السماء وعدم انحدار الأرض أنهما لا يتماسكان أي لا يملكان أمرهما من الرفع والوضع ولا يقدران على ذلك وإن كل من على الأرض من الإنسان والحيوان وغيرهما لا يتمالك أمره من تحيزه بحيزه ووضعه فيه، لأن وضعه تابع لوضع الأرض ووضع الأرض بالجبر من الفاعل القادر المختار فوضعه أيضا منه أو متفرع على المنفي وعدم تماسكهما حينئذ بالرفع والوضع وعدم ثباتهما عليهما ظاهر، وكذا عدم تماسك من على الأرض وعدم ثباتهم عليها لغرقهم في الماء وانفلات الأرض من تحتهم سريعا فينقطع التعلق بينهما وبينهم ولو بقي التعلق لاضطربوا بالحركة العنيفة اضطرابا شديدا، كما يشاهد مثل ذلك عند الزلازل الشديدة.
لا يقال: هذا الدليل والذي قبله إنما يدلان على أنه لا بد لهذا النظام وتلك الحركات من مدبر قادر خارج عن عالم الجسم والجسمانيات، وأما أنه واجب الوجود لذاته فلا، لجواز أن يكون هذا المدبر، جوهرا، مجردا، مفارقا، لأنا نقول: هذا الجوهر على تقدير وجوده ممكن بالاتفاق فهو لا يفيد الوجود ولواحقه إلا إذا استفاد وجوده من وجود خارج عنه لأن وجود الممكن ليس من قبل ذاته المعراة عن مرتبة الوجود، ولا من قبل وجوده بالضرورة، بل هو من قبل موجود مباين له حاكم عليه، وهو الله تعالى شأنه (فقال الزنديق أمسكهما الله ربهما وسيدهما) الرب في اللغة المالك والمدبر والسيد والمربى والمتمم والمنعم والمولى والصاحب والحافظ، والسيد في اللغة الرب والمالك والشريف والكريم والحليم والحاكم والمقدم والمتحمل للأذى ممن دونه، (قال فآمن الزنديق على يدي أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: له حمران: جعلت فداك إن آمنت الزنادقة (1) على يديك

1 - قوله «ان آمنت الزنادقة» المفهوم من هذا الكلام أن الزنادقة غير الكفار فلعل الفرق بينهما الفرق بين العام والخاص أو الزنادقة كانوا يتظاهرون بالاسلام ولم يكونوا مؤمنين بقلوبهم نظير جماعة من ملاحدة زماننا ويأتي الإشارة إلى مذهب الزنادقة في الحديث الآتي إن شاء الله. (ش)
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»
الفهرست