شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٣٢
من أجدل الناس وأعلمهم، اذهبوا بنا إليه لعلي أسأله عن مسألة واخطئه فيها فأتاه فقال: يا أمير المؤمنين إني أريد أن أسألك عن مسألة قال: سل عما شئت، قال: يا أمير المؤمنين متى كان ربنا، قال له: يا يهودي إنما يقال: متى كان لمن لم يكن، فكان متى كان، هو كائن بلا كينونية كائن، كان بلا كيف يكون، بلى يا يهودي ثم بلى يا يهودي كيف يكون له قبل؟! هو قبل القبل بلا غاية ولا منتهى غاية ولا غاية إليها انقطعت الغايات عنده، هو غاية كل غاية فقال: اشهد أن دينك الحق وأن ما خالفه باطل.
* الشرح:
(علي بن محمد عن سهل بن زياد عن عمرو بن عثمان عن محمد بن يحيى عن محمد بن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رأس الجالوت لليهود إن المسلمين يزعمون أن عليا من أجدل الناس) أي أقواهم في المجادلة والخصام وأشدهم في المناظرة والكلام وأفصحهم بيانا وأطلقهم لسانا (وأعلمهم) في فنون العلم كلها بحيث لم يسبقه سابق ولا يلحقه لاحق.
(اذهبوا بنا إليه لعلي أسأله عن مسألة وأخطئه فيها) أخطأ وخطأ إذا لم يصب الصواب كذا في تاج المصادر وخطأه تخطئة إذا نسبة إلى الخطأ فقال له: أخطأت.
(فأتاه فقال يا أمير المؤمنين إني اريد أسألك عن مسألة قال: سل عما شئت) دل هذا على أنه (عليه السلام) كان بحرا زاخرا في العلوم وإنه كان لا يخفى عليه شيء كما يدل عليه قوله (عليه السلام) «سلوني» (1) قال بعض العامة هو أول قائل بهذه الكلمة ولم يقلها أحد غيره وفيه دلالة على أنه ليس لعلمه نهاية.
(قال: يا أمير المؤمنين متى كان ربنا؟
قال له: يا يهودي إنما يقال: متى كان لمن لم يكن فكان) أي لمن لم يكن موجودا فوجد فيسأل بمتى عن زمان وجوده. وأما من كان موجودا في الأزل قبل وجود الزمان بلا بداية لوجوده فلا يصح أن يسأل عنه بمتى كان (متى كان) الظاهر أنه بدل عن مقول إنما يقال وهو متى كان أو تأكيد له، ويحتمل أن يكون إعادة للسؤال بعينه للمبالغة في إنكاره وعدم استقامته لثبوت ما ينافيه كما أشار إليه بقوله (هو كان بلا كينونية كاين) أي هو موجود بلا كون حادث فلا يدخل كونه في مقولة متى لأن «متى» سؤال عن الكون الحادث المسبوق بالعدم، وفيه تنبيه على أنه ليس المراد بكونه ما يتبادر من مفهوم الكون عند الإطلاق أعني الحدوث بل الوجود المجرد عن الحدوث والزمان.
(كان بلا كيف) من الكيفيات المعروفة في خلقه لأن اتصافه بها نقص لايق بالممكنات المفتقرة

1 - النهج قسم الخطب تحت رقم 287.
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»
الفهرست