وذهب الأحناف والحنابلة إلى عدم القطع لما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الصيد لمن أخذه ".
فهذا الحديث يورث شبهة يندرئ بها الحد.
وقال عبد الله بن يسار: أتي عمر بن عبد العزيز برجل سرق دجاجة، فأراد أن يقطعه، فقال له سالم بن عبد الرحمن: " قال عثمان رضي الله عنه:
لا قطع في الطير " وفي رواية أن عمر بن عبد العزيز استفتى السائب بن يزيد فقال: ما رأيت أحدا قطع في الطير، وما عليه في ذلك قطع، فتركه عمر.
وقال بعض الفقهاء: الطير المعتبر مباحا هو الذي يكون صيدا سوى الدجاج والبط فيجب في سرقتها القطع لأنه بمعنى الأهلي.
وقال أبو حنيفة: لا يقطع في سرقة الطعام الرطب كاللبن واللحم والفواكه الرطبة ولا في سرقة الحشيش والحطب، ولا فيما يسرع إليه الفساد، وإن بلغت قيمة المسروق منه نصاب السرقة، لأن هذه الأشياء غير مرغوب فيها، ولا يشح مالكها عادة فلا حاجة إلى الزجر بالنسبة لها، والحرز فيها ناقص، ولقوله صلى الله عليه وسلم " لا قطع في تمر ولا كثر " ولان فيه شبهة المالكية، لوجود الشركة العامة، لقول الرسول:
" الناس شركاء في ثلاثة: الماء، والكلأ، والنار " ومما اختلف الفقهاء فيه سرقة المصحف، فقال أبو حنيفة لا يقطع من سرقة. لأنه ليس بمال، ولان لكل واحد فيه حقا.
وقال مالك، والشافعي، وأبو ثور، وأبو يوسف من أصحاب أبي حنيفة وابن المنذر:
يقطع سارق المصحف إذا بلغت قيمته النصاب الذي تقطع فيه اليد.
(ثانيا) والشرط الثاني الذي يجب توافره في المال المسروق أن يبلغ الشئ المسروق نصابا، لأنه لا بد من شئ يجعل ضابطا لإقامة الحد، ولا بد وأن يكون له قيمة يلحق الناس ضرر بفقدها، فإن من عادتهم التسامح في الشئ الحقير من الأموال، ولهذا لم يكن السلف يقطعون في الشئ التافه. وقد اختلف الفقهاء في مقدار هذا النصاب، فذهب جمهور العلماء إلى أن القطع لا يكون