سبب عدم القطع على من سرق من بيت المال، لان ذلك يورث شبهة تمنع إقامة الحد.
قال ابن قدامة: كما لو سرق من مال له شركة فيه. ومن سرق من الغنيمة من له فيها حق (1)، أو لولده أو لسيده، وهذا مذهب جمهور العلماء (2) وروى ابن ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن عبدا من رقيق الخمس (3) سرق من الخمس فرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقطعه.
وقال:
" مال الله سرق بعضه بعضا ".
ولا يقطع من سرق من المدين الماطل في السداد، أو الجاحد للدين، لان ذلك استرداد لدينه، إلا إذا كان المدين مقرا بالدين وقادرا على السداد، فإن الدائن يقطع إذا سرق من المدين لأنه لا شبهة له في سرقته، ولا قطع في سرقة العارية من يد المستعير لان يد المستعير يد أمانه، وليست يد مالك.
ومن غصب مالا وسرقه وأحرزه فسرقه منه سارق، فقال الشافعي وأحمد: لا يقطع، لأنه حرز لم يرضه مالكه، وقال مالك: يقطع، لأنه سرق مالا شبهة له فيه من حرز مثله.
وإذا وقعت أزمة بالناس، وسرق أحد الافراد طعاما فإن كان الطعام موجودا قطع، لأنه غير محتاج إلى سرقته، وإن كان معدوما لم يقطع، لان له الحق في أخذه لحاجته إليه، وقد قال عمر رضي الله عنه:
" لا قطع في عام المجاعة "، وروى مالك في الموطأ " أن رقيقا لحاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة فانتحروها. فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب، فأمر عمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم، ثم قال عمر: أراك تجيعهم. ثم قال: والله لأغرمنك غرما يشق عليك. ثم قال للمزني: كم ثمن ناقتك؟
فقال المزني: كنت والله أمنعها من أربعمائة درهم. فقال عمر: أعطه ثمانمائة درهم.