" أولئك الذين نهاني الله عنهم، هو في المنافقين دون الزنادقة ". ثم قال:
وإن الشرع كما نصب القتل جزاء للارتداد ليكون مزجرة للمرتدين، وذبا عن الملة التي ارتضاها، فكذلك نصب القتل جزاء للزندقة، ليكون مزجرة للزنا دقة، وذبا عن تأويل فاسد في الدين لا يصح القول به.
قال: ثم التأويل تأويلان:
تأويل لا يخالف قاطعا من الكتاب والسنة واتفاق الأمة.
وتأويل يصادم ما ثبت بقاطع، فذلك الزندقة.
فكل من أنكر الشفاعة، أو أنكر رؤية الله تعالى يوم القيامة، أو أنكر عذاب القبر، وسؤال المنكر والنكير، أو أنكر الصراط والحساب، سواء قال: لا أثق بهؤلاء الرواة. أو قال: أثق بهم، لكن الحديث مؤول، ثم ذكر تأويلا فاسدا لم يسمع من قبله، فهو الزنديق.
وكذلك من قال في الشيخين " أبي بكر وعمر " مثلا: ليسا من أهل الجنة، مع تواتر الحديث في بشارتهما، أو قال: " إن النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبوة، ولكن معنى هذا الكلام أنه لا يجوز أن يسمى بعده أحد بالنبي.
وأما معنى النبوة وهو كون إنسان مبعوثا من الله تعالى إلى الخلق مفترض الطاعة، معصوما من الذنوب، ومن البقاء على الخطأ فيما يرى، فهو موجود في الأئمة بعده (1)، فذلك هو الزنديق، وقد اتفق جمهور المتأخرين من الحنفية والشافعية على قتل من يجري هذا المجرى، والله أعلم. اه.
هل يقتل الساحر:
يتفق العلماء على أن للسحر أثرا، وعلى كفر من يعتقد حله، ويختلفون في أن له حقيقة، أو أنه تخيل، كما يختلفون في السحر: هل هو كفر أوليس بكفر؟
وتبع ذلك اختلافهم في الساحر.
فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: يقتل الساحر بتعلم السحر، وبفعله، لكفره، دون استتابة.