بعضهم أنهما الحرث بن هشام وهبيرة بن أبي وهب وليس بشئ، لأن هبيرة هرب بعد فتح مكة إلى نجران، فلم يزل بها مشركا حتى مات، كذا جزم به ابن إسحاق وغيره، فلا يصح ذكره فيمن أجارته أم هانئ. وقال الكرماني: قال الزبير بن بكار: فلان ابن هبيرة هو الحرث بن هشام وقد تصرف في كلام الزبير، والواقع عند الزبير في هذه القصة موضع فلان ابن هبيرة الحرث بن هشام. قال الحافظ: والذي يظهر لي أن في رواية الحديث حرفا كان فيه فلان ابن عم ابن هبيرة فسقط لفظ عم، أو كان فيه فلان قريب ابن هبيرة فتغير لفظ قريب إلى لفظ ابن، وكل من الحرث ابن هشام وزهير بن أبي أمية وعبد الله بن أبي ربيعة يصح وصفه بأنه ابن عم هبيرة وقريبه لكون الجميع من بني مخزوم. وقد تمسك بحديث أبي هريرة وحديث أم هانئ من قال: إن مكة فتحت عنوة، ومحل الحجة من الأول أمره صلى الله عليه وآله وسلم للأنصار بالقتل لأوباش قريش ووقع القتل منهم، ومحل الحجة من الثاني ما وقع من علي من إرادة قتل من أجارته أم هانئ، ولو كانت مكة مفتوحة صلحا لم يقع منه ذلك، وسيأتي ذكر الخلاف وما هو الحق في ذلك.
وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: لما سار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام الفتح فبلغ ذلك قريشا خرج أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يلتمسون الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى أتوا مر الظهران، فرآهم ناس من حرس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخذوهم وأتوا بهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأسلم أبو سفيان فلما سار قال للعباس: احبس أبا سفيان عند خطم الجبل حتى ينظر إلى المسلمين، فحبسه العباس فجعلت القبائل تمر كتيبة بعد كتيبة على أبي سفيان حتى أقبلت كتيبة لم ير مثلها قال: يا عباس من هذه؟ قال: هؤلاء الأنصار عليهم سعد بن عبادة ومعه الراية، فقال سعد بن عبادة: يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الكعبة ، فقال أبو سفيان: يا عباس حبذا يوم الذمار، ثم جاءت كتيبة وهي أقل الكتائب فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وراية النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع الزبير بن العوام، فلما مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أبي سفيان قال: ألم تعلم ما قال سعد بن عبادة؟ قال: ما قال؟ قال: قال كذا كذا وكذا، فقال: