شرح الصدور بتحريم رفع القبور - محمد بن علي الشوكاني - الصفحة ١٩
أنه إجماع من أهل العلم على اختلاف طوائفهم ثم بعد ذلك جعل أهل ثلاثة مذاهب مصرحين بالتحريم، وجعل طائفة مصرحة بالكراهة وحملها على كراهة التحريم. فكيف يقال: إن بناء القباب والمشاهد على القبور لم ينكره أحد؟.
ثم انظر كيف يصح استثناء أهل الفضل برفع القباب على قبورهم وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما قدمنا أنه قال: " أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح أو الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا "، ثم لعنهم بهذا السبب.
فكيف يسوغ من مسلم أن يستثني أهل الفضل بفعل هذا المحرم الشديد على قبورهم، مع أن أهل الكتاب الذين لعنهم الرسول صلى الله عليه وسلم وحذر الناس ما صنعوا لم يعمروا المساجد إلا على قبور صلحائهم.
ثم هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد البشر وخير الخليقة وخاتم الرسل، وصفوة الله من خلقه، ينهى أمته أن يجعلوا قبره مسجدا أو وثنا أو عيدا، وهو القدوة لأمته.
ولأهل الفضل من القدوة به والتأسي بأفعاله وأقواله الحظ الأوفر. وهم أحق الأمة بذلك وأولاهم به. وكيف يكون فعل بعض الأمة وصلاحه مسوغا لفعل هذا المنكر على قبره؟ وأصل الفضل ومرجعه هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأي فضل ينسب إلى فضله أدني نسبة. أو يكون له بجنبه أقل اعتبار؟ فإن كان هذا محرما منهيا عنه ملعونا فاعله في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما ظنك بقبر غيره من أمته؟.
وكيف يستقيم أن يكون للفضل مدخل في تحليل المحرمات وفعل المنكرات؟ اللهم غفرا، والحمد لله الذي هدانا للحق ووفقنا لاتباعه، وصلى الله على محمد عبد الله ورسوله وعلى آله أجمعين.) تمت بحمد الله رسالة شرح الصدور)
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19