شرح الصدور بتحريم رفع القبور - محمد بن علي الشوكاني - الصفحة ١١
السنن من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: " لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج ". وفي صحيح مسلم وغيره عن أبي الهياج الأسدي قال: " قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أن لا أدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته ". وفي صحيح مسلم أيضا عن ثمامة بن شفي نحو ذلك.
وفي هذا أعظم دلالة على أن تسوية كل قبر مشرف بحيث يرتفع زيادة على القدر المشروع؟
واجبة متحتمة. فمن إشراف القبور: أن يرفع سمكها أو يجعل عليها القباب أو المساجد.
فإن ذلك من النهي عنه بلا شك ولا شبهة. ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم بعث لهدمها أمير المؤمنين عليا. ثم أمير المؤمنين بعث لهدمها أبا الهياج الأسدي في أيام خلافته.
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن حبان من حديث جابر قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يبنى عليه، وأن يوطأ ".
وزاد هؤلاء المخرجون لهذا الحديث عن مسلم " وأن يكتب عليه ". قال الحاكم: النهى عن الكتابة على شرط مسلم، وهي صحيحة غريبة.
وفي هذا التصريح بالنهي عن البناء على القبور، وهو يصدق على ما بني على جوانب حفرة القبر، كما يفعله كثير من الناس من رفع قبور الموتى ذراعا فما فوقه. لأنه لا يمكن أن يجعل نفس القبر مسجدا، فذلك مما يدل علي أن المراد بعض ما يقربه مما يتصل به، ويصدق على من بنى قريبا من جوانب القبر كذلك، كما في القباب والمساجد والمشاهد الكبيرة،
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»