شرح الصدور بتحريم رفع القبور - محمد بن علي الشوكاني - الصفحة ١
شرح الصدور بتحريم رفع القبور محمد بن علي الشوكاني الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله المطهرين وصحبه المكرمين. وبعد، فاعلم أنه إذا وقع الخلاف بين المسلمين في أن هذا الشئ بدعة أو غير بدعة، أو مكروه أو غير مكروه، أو محرم أو غير محرم، أو غير ذلك، فقد اتفق المسلمون - سلفهم وخلفهم - من عصر الصحابة إلى عصرنا هذا - وهو القرن الثالث عشر منذ البعثة المحمدية - أن الواجب عند الاختلاف في أي أمر من أمور الدين بين الأمة المجتهدين هو الرد إلى كتاب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. الناطق بذلك الكتاب العزيز (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) ومعنى الرد إلى الله سبحانه الرد إلى كتابه، ومعنى الرد إلى رسوله صلى الله عليه وسلم الرد إلى سنة بعد وفاته. وهذا مما لا خلاف فيه بين جميع المسلمين. فإذا قال مجتهد من المجتهدين: هذا حلال، وقال الآخر: هذا حرام، فليس أحدهما أولى بالحق من الآخر وإن كان أكثر منه علما أو أكبر منه سنا أو أقدم منه عصرا، لأن كل واحد منهما فرد من أفراد عباد الله ومتعبد بما في الشريعة المطهرة مما في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومطلوب منه ما طلب الله من غيره من العباد. وكثرة علمه وبلوغه درجة الاجتهاد أو مجاوزته لها لا يسقط عنه شيئا من الشرائع التي شرعها الله لعباده. بل العالم كلما ازداد علما كان تكليفه زائدا على تكليف غيره. ولو لم يكن من ذلك إلا ما أوجبه الله عليه من البيان للناس وما كلفه به من الصدع بالحق
(١)
الذهاب إلى صفحة: 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»