حاشية رد المحتار - ابن عابدين - ج ٦ - الصفحة ٦٨٢
أقول: ذكر الشارح في فصل المحرمات من النكاح أن حد الشهوة في المس والنظر الموجبة لحرمة المصاهرة تحرك آلته أو زيادته، به يفتى. وفي امرأة ونحو شيخ تحرك قلبه أو زيادته اه‍. ونقله القهستاني عن أصحابنا ثم قال: وقال عامة العلماء: أن يميل بالقلب ويشتهي أن يعانقها، وقيل إن يقصد مواقعتها، ولا يبالي من الحرام كما في النظم، وفي حق النساء الاشتهاء بالقلب لا غير اه‍. وقال القهستاني في هذا الفصل: وشرط لحل النظر إليها وإليه الامن بطريق اليقين من شهوة: أي ميل النفس إلى القرب منها أو منه أو المس لها أو له مع النظر، بحيث يدرك التفرقة بين الوجه الجميل والمتاع الجزيل، فالميل إلى التقبيل فوق الشهوة المحرمة، ولذا قال السلف: اللوطيون أصناف: صنف ينظرون، وصنف يصافحون، وصنف يعملون. وفيه إشارة إلى أنه لو علم منه الشهوة أو ظن أو شك حرم النظر كما في المحيط وغيره اه‍.
أقول: حاصله أن مجرد النظر واستحسانه لذلك الوجه الجميل وتفضيله على الوجه القبيح كاستحسان المتاع الجزيل لا بأس به، فإنه لا يخلو عنه الطبع الانساني، بل ويجد في الصغر، فالصغير المميز يألف صاحب الصورة الحسنة أكثر من صاحب الصورة القبيحة ويرغب فيه ويحبه أكثر، بل قد يوجد ذلك في البهائم، فقد أخبرني من رأى جملا يميل إلى امرأة حسناء ويضع رأسه عليها كلما رآها دون غيرها من الناس، فليس هذا نظر شهوة، وإنما الشهوة ميله بعد هذا ميل لذة إلى القرب منه أو المس له زائدا على ميله إلى المتاع الجزيل، أو الملتحى لان ميله إليه مجرد استحسان ليس معه لذة وتحرك قلب إليه، كما في ميله إلى ابنه أو أخيه الصبيح، فوق ذلك الميل إلى التقبيل أو المعانقة أو المباشرة أو المضاجعة. ولو بلا تحرك آلة. وأما اشتراطه في حرمة المصاهرة، فلعله للاحتياط، والله تعالى أعلم.
ولا يخفى أن الأحوط عدم النظر مطلقا. قال في التاترخانية: وكان محمد بن الحسن صبيحا، وكان أبو حنيفة يجلسه في درسه خلف ظهره أو خلف سارية مخافة خيانة العين مع كمال تقواه اه‍. وراجع ما كتبناه في شروط الصلاة. قوله: (لئلا يتوهم أن الأول عين الثاني) لان الثاني معرفة كالأول، وهذه القاعدة ليست كلية. قال تعالى: * (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب) * (المائدة: 48) ويمكن أن يقال: إن أل في الأول والثاني جنسية والمعرف بها في حكم النكرة ط. قوله:
(وكذا الكلام فيما بعد) وهو قوله: ونظر المرأة من المرأة. قوله: (قلت إلخ) يشير إلى أن ما ذكروه من أن المعرفة أو النكرة إذا أعيدت معرفة فهي عين الأول، أو نكرة فغيره إنما هو عند الاطلاق وخلو المقام عن القرائن كما صرح به في التلويح. قوله: (وهي غير بادية) أي ظاهرة. وفي الذخيرة وغيرها:
وإن كان على المرأة ثياب فلا بأس بأن يتأمل جسدها، وهذا إذا لم تكن ثيابها ملتزقة بحيث تصف ما تحتها، ولم يكن رقيقا بحيث يصف ما تحته، فإن كانت بخلاف ذلك فينبغي له أن يغض بصره اه‍.
وفي التبيين قالوا: ولا بأس بالتأمل في جسدها وعليها ثياب ما لم يكن ثوب يبين حجمها فلا ينظر إليه حينئذ، لقوله عليه الصلاة والسلام: من تأمل خلف امرأة ورأي ثيابها حتى تبين له حجم عظامها لم
(٦٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 677 678 679 680 681 682 683 684 685 686 687 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الشهادات 3
2 باب القبول وعدمه 15
3 باب الاختلاف في الشهادة 37
4 باب الشهادة على الشهادة 44
5 باب الرجوع عن الشهادة 50
6 كتاب الوكالة 56
7 باب الوكالة بالبيع والشراء 63
8 باب الوكالة بالخصومة والقبض 78
9 باب عزل الوكيل 86
10 كتاب الدعوى 92
11 باب التحالف 111
12 باب دعوى الرجلين 123
13 باب دعوى النسب 135
14 كتاب الاقرار 144
15 باب الاستثناء وما معناه 162
16 باب إقرار المريض 167
17 فصل في مسائل شتى 179
18 كتاب الصلح 188
19 كتاب المضاربة 208
20 باب المضارب يضارب 215
21 كتاب الايداع 227
22 كتاب العارية 243
23 كتاب الهبة 255
24 باب الرجوع في الهبة 268
25 كتاب الإجارة 283
26 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها أي في الإجارة 309
27 باب الإجارة الفاسدة 328
28 باب ضمان الأجير 348
29 باب فسخ الإجارة 362
30 مسائل شتى 375
31 كتاب المكاتب 386
32 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله 391
33 باب كتاب العبد المشترك 400
34 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 402
35 كتاب الولاء 410
36 كتاب الاكراه 420
37 كتاب الحجر 436
38 كتاب المأذون 450
39 كتاب الغصب 475
40 كتاب الغصب 475
41 كتاب الشفعة 518
42 باب طلب الشفعة 526
43 باب ما تثبت هي فيه أو لا تثبت 540
44 باب ما يبطلها 544
45 كتاب القسمة 559
46 كتاب المزارعة 582
47 كتاب الذبائح 604
48 كتاب الأضحية 624
49 كتاب الحظر والإباحة 651
50 باب الاستبراء وغيره 691
51 كتاب إحياء الموات 754