البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٩٥
ويجوز الاخذ به وإن لم يكن مذهبنا فإن الانسان يعذر في العمل به عند الضرورة اه‍. وقيد بسرقة الدائن لأن المكاتب أو العبد إذا سرق من غريم المولى قطع إلا إن كان المولى وكلهما بالقبض لأن حق الاخذ حينئذ لهما، ولو سرق من غريم أبيه أو غريم ولده الكبير أو غريم مكاتبه أو غريم عبده المأذون المديون قطع لأن حق الاخذ لغيره، ولو سرق من غريم ابنه الصغير لا يقطع قوله: (وبشئ قطع فيه ولم يتغير) وهذا استحسان، والقياس أن يقطع وهو رواية عن أبي يوسف لقوله عليه السلام فإن عاد فاقطعوه من غير فصل، ولان الثانية متكاملة كالأولى بل أقبح لتقدم الزاجر وصار كما إذا باعه المالك من السارق ثم اشتراه منه ثم كانت السرقة. ولنا أن القطع أوجب سقوط عصمة المحل كما يعرف من بعد إن شاء الله تعالى. وبالرد إلى المالك وإن عادت حقيقة العصمة بقيت شبهة السقوط نظرا إلى اتحاد الملك والمحل وقيام الموجب وهو القطع فيه بخلاف ما ذكر لأن الملك قد اختلف لاختلاف سببه، ولان تكرار الجناية فيه نادر لتحمله مشقة الزاجر فتعرى الإقامة عن المقصود وهو تقليل الجناية فصار كما إذا قذف المحدود في القذف والمقذوف الأول. قيد بقوله ولم يتغير لأنه لو تغير مثل ما لو كان غزلا فسرقه فقطع فيه فرده ثم نسج فعاد فسرقه فإنه يقطع. وعلى هذا الصوف والقطن والكتان وكل عين أحدث المالك فيه صنعا بعد القطع لو أحدثه الغاصب ينقطع به حق المالك. وأطلق في التغير فشمل المعنوي كما إذا باعه المسروق منه بعد القطع ثم اشتراه فسرقه لأن تبدل السبب كتبدل العين. وذكر الشمني أنه لا يقطع عند مشايخ العراق، وينبغي أن يكون حكم ما إذا باعه المالك فسرقه من المشتري وجوب القطع بالأولى.
قوله: (ويقطع بسرقة الساج والقنا والأبنوس والصندل والفصوص الخضر والياقوت والزبرجد واللؤلؤ) لأن هذه الأشياء من أعز الأموال وأنفسها وهي محرزة لا توجد مباحة الأصل بصورتها في دار الاسلام غير مرغوب فيها فصارت كالذهب والفضة. وفي شرح المختار: لا قطع في العاج ما ليعمل فإذا عمل منه شئ قطع فيه. وأشار المصنف إلى أنه يقطع في العود والمسك والادهان والورس والزعفران والعنبر بالأولى وفي طلبة الطلبة. قال جار الله العلامة: الساج ضرب من الشجر يعلوه الحمرة وهو صلب كالحجر ولا يكون هذا الأبنوس إلا في بلاد الهند ودور سادات مكة من هذا الساج اه‍. والقنا خشب الرماح جمع قناة وألفها منقلبة عن الواو. والأبنوس بفتح الباء معروف وهو معرب. ولم يذكر المصنف
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست