البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٩٢
وحساب قوله: (وصبي حر ولو معه حلى) لأن الحر ليس بمال وما عليه من الحلي تبع له ولأنه يتأول في أخذ الصبي إسكاته أو حمله إلى مرضعته. أطلقه فشمل الصبي الذي لا يمشي ولا يتكلم. والحلي - بضم الحاء - جمع حلي - بفتحها - ما يلبس من ذهب أو فضة أو جوهر.
وأشار المصنف إلى أنه لو سرق إناء ذهب فيه نبيذ أو ثريدا أو كلبا عليه قلادة فضة لا يقطع على المذهب إلا في رواية عن أبي يوسف ورجحها في فتح القدير، فإن الظاهر أن كلا منهما أصل مقصود بالأخذ بل القصد إلى الاناء الذهب أظهر منه إلى ما فيه وما يوافق ما ذكرنا ما في التجنيس: سرق كوزا فيه عسل وقيمة الكوز تسعة وقيمة العسل درهم يقطع، وكذا إذا سرق حمارا يساوي تسعة وعليه إكاف يساوي درهما بخلاف ما إذا سرق قمقمة فيها ما يساوي عشرة لأنه سرق ماء من وجه وهو نظير ما تقدم من المبسوط فيمن سرق ثوبا لا يساوي عشرة مصرور عليه عشرة قال: يقطع إذا علم أن عليه مالا بخلاف ما إذا لم يعلم.
قوله: (وعبد كبير ودفاتر بخلاف الصغير ودفاتر الحساب) لأنه في الكبير غصب أو خداع وهي متحققة في الصغير. وقال أبو يوسف: لا يقطع وإن كان صغيرا لا يعقل ولا يتكلم استحسانا لأنه آدمي من وجه مال من وجه. ولهما أنه مال مطلق لكونه منتفعا به أو بعرض أن يصير منتفعا به إلا أنه انضم إليه معنى الآدمية، ولو كانت قيمته أقل من النصاب وفي اذنه شئ يكمل النصاب يقطع باعتبار الضم. أراد بالكبير المميز المعبر عن نفسه بالغا كان أو صبيا، وبالصغير الذي لا يعبر عن نفسه. وأطلق في الكبير فشمل النائم والمجنون والأعمى. والمقصود من الدفاتر ما فيها وذلك ليس بمال إلا دفتر الحساب لأن ما فيه لا يقصد بالأخذ فكان المقصود هو الكاغد. والمراد بالدفاتر صحائف فيها كتابة من عربية أو شعر أو حديث أو تفسير أو فقه مما هو من علم الشريعة، وقد اختلف في غيرها فقيل ملحقة بدفاتر الحساب فيقطع فيها، وقيل بكتب الشريعة لأن معرفتها قد تتوقف على اللغة والشعر والحاجة. وإن قلت: كفت في ايراث الشبهة ومقتضى هذا أن لا يختلف في القطع بسرقة كتب السحر والفلسفة لأنه لا يقصد ما فيها لأهل الديانة فكانت سرقة صرفا. والمراد بدفاتر الحساب دفاتر أهل الديون وقولهم لأن المقصود الكاغد يدل على أن المراد به الذي مضى حسابه وقد قيل به كما ذكره الشمني. وأما الدفاتر التي في الديوان المعمول بها فالمقصود علم ما فيها فلا قطع، وأما دفاتر مثل علم الحساب والهندسة فهو كغيره فلا قطع بسرقته لأنها ككتب الأدب والشعر. وقيد بالدفاتر لأنه لو سرق الورق والجلد قبل الكتابة قطع ذكره الشمني قوله: (وكلب وفهد) لأن من جنسها يوجد مباح الأصل غير مرغوب فيه ولان
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست