البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٧٨
تطلق ويعتق العبد لوجود الشرط بلا مانع. قال في التبيين: لو قال لامة إن تسريت بك فعبدي حر فاشتراها فتسرى بها عتق عبده الذي كان في ملكه وقت الحلف ولا يعتق من اشتراه بعده اه‍. فاحفظ هذا فإن بعض أهل العصر فاس مسألة تعليق الطلاق بالتسري على مسألة المختصر وهو غلط فاحش لأن المنكوحة يصح تعليق طلاقها بأي شرط كان. ثم اعلم أن التسري هنا تفعل من السرية وهو اتخاذها والسرية إن كانت من السرور فإنها تسر بهذه الحالة ويسر هو بها، أو من السرو والسيادة فضم سيئها على الأصل. وإن كانت من السر بمعنى الجماع أو بمعنى ضد الجهر فإنها قد تخفى على الزوجات الحرائر فضمها من تغييرات النسب كما قالوا دهري بالضم في النسبة إلى الدهر. وفي النسبة إلى السهل من الأرض سهلي بالضم والفعل منه بحسب اعتبار مصدره. ومعنى التسري عند أبي حنيفة ومحمد أن يحصن أمته ويعدها للجماع أفضى إليها بمائه أو عزل عنها. وعند أبي يوسف أن لا يعزل ماءه مع ذلك فعرف أنه لو وطئ أمة له ولم يفعل ما ذكرناه من التحصين والاعداد لا يكون تسريا وإن لم يعزل عنها وإن علقت منه، ولو حلف لا يتسرى فاشترى جارية فحصنها ووطئها حنث، ذكره القدوري في التجريد عن أبي حنيفة ومحمد، كذا في فتح القدير.
قوله: (كل مملوك لي حر عتق عبيده القن وأمهات أولاده ومدبروه لا مكاتبه) لوجود الإضافة المطلقة فيما عدا المكاتب إذا لملك ثابت فيهم رقبة ويدا، ولا يدخل المكاتب إلا بالنية لأن الملك غير ثابت يدا فيه ولهذا لا يملك إكسابه، ولا يحل له وطئ المكاتبة بخلاف المدبر وأم الولد فاختلت الإضافة ومعتق البعض كالمكاتب لما ذكرنا، وقد قدمنا الكلام عليه في العتق المعلق فراجعه قوله: (هذه طالق أو هذه وهذه طلقت الأخيرة وخير في الأولين وكذا العتق والاقرار) يعني لو قال لعبيده هذا حر أو هذا وهذا عتق الأخير وله الخيار في الأولين، وكذا لو قال لفلان علي ألف درهم أو لفلان وفلان لزمه خمسمائة للأخير، وله أن يجعل خمسمائة لأيهما شاء. والأصل هنا أن كلمة أو لاثبات أحد المذكورين وقد أدخلها بين الأولين وعطف الثالث على الواقع منهما لأن العطف للمشاركة في الحكم فيختص بمحل الحكم. وذكر في المغني في مسألة الاقرار أن النصف للأول والنصف للأخيرين والصواب الأول وعليه المعنى لأن الثالث معطوف على من له الحق منهما فيكون شريكا له، ولو كان معطوفا على ما يليه كما ذكر لكان المقربه للأول وحده أو للأخيرين لأنه أوجبه لاحد
(٥٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 573 574 575 576 577 578 579 580 581 582 583 ... » »»
الفهرست