البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٧١
آخره. وإنما اعتبر أقصى المعهود وإن كان ما دونه معهود أيضا لأنها لاستغراق المعهود لأن كل مرتبة من المراتب التي أولها ثلاثة وأقصاها عشرة ولا معن. فالحاصل أنهم اتفقوا على أنها للعهد لكن اختلفوا في المعهود فهما قالا المعهود الأسبوع والسنة، وهو قال العشرة نظرا إلى أنها أقصى المعهود، وقد أطال في فتح القدير في بيانه إطالة حسنة وتعرض للرد على ابن العز ولسنا بصدد ذلك. وفي الذخيرة: لو قال والله لا أكلمك الجمع ولا نية له فله أن يكلمه في غير يوم الجمعة لأن الجمع جمعة وهو اسم خاص لليوم الذي تقام فيه الجمعة، سمي به لاجتماع الناس فيه لإقامة هذا الامر فيه فلا يتناول غيره من الأيام كما لو قال لا أكلمك إلا خمسة والآحاد والأثانين، وإن نوى أيام الجمعة نفس الأسبوع فهو على ما نوى. وذكر في النوادر أن من قال علي صوم جمعة إن نوى يوم الجمعة يلزمه صوم يوم الجمعة لا غير، وإن نوى أيام الجمعة يعني الأسبوع أو لم تكن له نية يلزمه صوم الأيام السبعة بحكم غلبة الاستعمال يقول الرجل لغيره لم أرك منذ جمعة، فعلى رواية النوادر صرف الجمعة إلى أيامها دون يوم الجمعة خاصة، وعلى رواية الجامع الصغير صرف الجمعة المطلقة غير مقرونة باليوم إلى يوم الجمعة خاصة لأن هذا الاستعمال فيما إذا ذكرت الجمعة مطلقة بلفظ الواحد أي لا بلفظ الجمع حتى قال مشايخنا: إذا قال والله لا أكلمك جمعة ينصرف اليمين إلى الأيام السبعة لا إلى يوم الجمعة خاصة، كما ذكر في النوادر ا ه‍. فتبين بهذا أنه إذا حلف لا يكلمه الجمع يترك كلامه عشرة أيام كل يوم هو يوم الجمعة لا أنه يترك كلامه عشرة أسابيع كما قد يتوهم. قال في التبيين: ثم الجمع معرفا ومنكرا يقع على أيام الجمعة في المدة وله أن يكلمه فيما بين الجمعات. وأما الجمع المنكر فذكر المصنف أنه إن وصفه بالكثرة فهو كالمعرف كقوله لا أكلمه أياما كثيرة لأنه لما وصفه بالكثرة علم أنه لم يرد به الأقل وهو الثلاث فينصرف إلى المعهود كالمعرف باللام، فعنده للعشرة، وعندهما للأسبوع. وعلى هذا لو قال إن خدمتني أياما كثيرة فأنت حر فعنده للعشرة، وعندهما للأسبوع، وإن لم يصفه بالكثرة انصرف إلى ثلاثة على ما ذكر في الجامع من غير خلاف وهو الصحيح لأنه ذكر لفظ الجمع منكرا فيقع على أدنى الجمع الصحيح وهو ثلاثة. وذكر في الأصل أنه على عشرة أيام وسوى بين منكر الأيام ومعرفها بخلاف السنين منكرا فإنه على ثلاثة اتفاقا كما في البدائع.
ولم يذكر المصنف الجمع المضاف وفيه تفصيل، ففي الذخيرة: لو حلف لا يركب دواب فلان أو لا يلبس ثيابه أو لا يكلم عبيده ففعل بثلاثة مما سمى يحنث، وإن كان لفلان ثياب ودواب وعبيد أكثر من ثلاثة فرق بين هذا وبين ما إذا حلف لا يكلم زوجات فلان لا يكلم أصدقاء فلان لا يكلم إخوة فلان حيث لا يحنث ما لم يكلم الكل مما سمى. والفرق أن في
(٥٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 566 567 568 569 570 571 572 573 574 575 576 ... » »»
الفهرست