البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٩٦
قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق العبد عليه وإلا فقد عتق منه ما عتق إلى آخره وقد أطال رحمه الله إطالة حسنة هنا كما هو دأبه ولسنا بصدد الدلائل. وقد صرح في البدائع بأن العتق يتجزأ عنده، سواء كان بمعنى زوال الملك أو زوال الرق، وأن الرق يتجزأ ثبوتا وزوالا لأن الإمام إذا ظهر على جماعة من الكفرة وضرب الرق على أنصافهم ومن على الانصاف جاز، ويكون حكمهم وحكم معتق البعض في حالة البقاء سواء اه‍. وهو بعيد كما قرره المحقق. ووفق في المجتبى بين عبارات المشايخ فمن قال إن العتق يتجزأ عنده لا يريد به والله أعلم أنه يسقط ملك المعتق عن الشقص الذي أضاف إليه العتق ويبقى الملك في الباقي.
فإن قلت: إذا سقط ملكه عن الشقص المعتق يصير حرا كسائر الأحرار. قلت: هذا يشكل بالمكاتب إذا مات مولاه فإنه يسقط الملك ولا يصير حرا كسائر الأحرار وإن قال بأن العتق لا يتجزأ عندنا أراد ان خروجه عن كونه محلا للتمليك والتملك كالبيع والهبة والإرث لا يتجزأ لأنه عبارة صحيحة لأنه من لوازم حقيقة العتق وذكر الملزوم وإرادة اللازم جائز وخروجه عن محلية التمليك والملك متفق عليه بين أصحابنا لكن عندهما بزوال الرق أصلا وعنده بسقوط الملك عن الشخص المعتق وفساده في الباقي هذا ما تضمنه شروح الأسلاف والأخلاف في هذا الباب اه‍. والحاصل ان من أعتق بعض عبده عتق منه ذلك القدر رأى زال ملكه عن ذلك القدر وبقي الرق فيه بتمامه وإذا لزم شرعا أن لا يبقى في الرق لزم ان يسعى العبد في باقي قيمته لاحتباس مالية الباقي عنده وما لم يؤد السعاية فهو كالمكاتب حيث يتوقف عتق كله على أداء البدل وكونه أحق بمكاسبه ولا يد للسيد عليه ولا استخدام وكونه رقيقا كله الا انه يخالفه في أنه لو عجز لا يرد إلى الاستخدام بخلاف المكاتب بسبب ان المتسعة زوال الملك عن بعضه لا إلى مالك صدقة عليه به وإنما يلزم المال ضرورة الحكم الشرعي وهو تضمينه قهرا بخلاف المكاتب فإن عتقه في مقابلة التزامه بعقد باختياره يقال ويفسخ بتعجيزه نفسه وقد ذكروا مسألة في الجنايات يخالف معتق البعض فيها المكاتب أيضا هي ان المكاتب إذا قتل عمدا ولم يترك وفاء وله وارث غير المولى يجب القصاص على القاتل لأنه مات رقيقا لانفساخ المكاتبة بموته عاجزا بخلاف معتق البعض إذا قتل ولم يترك وفاء حيث لا يجب القصاص لأن العتق في البعض لا ينفسخ بموته عاجزا وذكروا في البيوع كما في الحقائق ان الجمع بين العبد ومعتق البعض في بيعهما صفقة واحدة
(٣٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 ... » »»
الفهرست