البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٩٤
عبادته جعلهم الله أرقاء لعباده فكان سبب رقهم كفرهم أو كفر أصولهم، وقيل بالثاني لكونه وسيلة إلى نفعهم وإقامة مصالحهم ودفع الشر عنهم قالوا: أول ما يؤخذ المأسور يوصف بالرق ولا يوصف بالملك إلا بعد الاخراج إلى دار الاسلام والملك يوجد في الجماد والحيوان غير الآدمي دون الرق، وبالبيع يزول ملكه دون الرق. وبالعتق يزول ملكه قصدا لأنه حقه ويزول الرق ضمنا ضرورة فراغه عن حقوق العباد، ويتبين لك الفرق بينهما في القن وأم الولد والمكاتب فإن الملك والرق كاملان في القن ورق أم الولد والمدبر ناقص حتى لا يجوز عتقها عن الكفارة والملك فيها كامل حتى جاز وطئ أم الولد والمدبرة، والمكاتب رقه كامل حتى جاز عتقه عن الكفارة، وملكه ناقص حتى خرج من يد المولى، ولا يدخل تحت قوله كل مملوك أملكه فهو حر فحاصله أن جواز البيع يعتمد كمالهما، وحل الوطئ يعتمد كمال الملك فقط، وجواز العتق عن الكفارة يعتمد كمال الرق فقط. وقيد بالتبعية فيما ذكر للاحتراز عن النسب فإنه للأب لأن النسب للتعريف وحال الرجال مكشوفة دون النساء حتى لو تزوج هاشمي أمة إنسان فأتى بولد فهو هاشمي تبعا لأبيه رقيق تبعا لامه كما في فتح القدير، لأن الزوج قد رضي برق الولد حيث أقدم على تزوجها مع العلم برقها بخلاف المغرور فإن ولده من الأمة حر لأنه لم يرض به لعدم علمه فانعلق حرا وجبت القيمة، وهو ما يستثنى من كلام المصنف فإنه لم يتبع أمه في الرق والملك. وإنما لم يذكره هنا لأنه سيصرح به في باب دعوة النسب وللاحتراز عن الدين فإنه يتبع خير الأبوين دينا لأنه أنظر له.
قوله: (وولد الأمة من سيدها حر) لأنه انعلق حرا للقطع بأن إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن قط إلا حرا إلا أنه يعلق مملوكا ثم يعتق عليه كما هو ظاهر الهداية وغيرها. وفي المبسوط: الولد يعلق حرا من الماءين لأن ماءه حر وماء جاريته مملوك لسيدها فلا تتحقق المعارضة بخلاف ابنه من جارية الغير فإن ماءها مملوك لغيره فتتحقق المعارضة فيترجح جانبها بأنه مخلوق من مائها بيقين كما قدمناه، وسيأتي أنه لا بد أن يعترف به، وفي آخر جامع الفصولين: قد يكون الولد حرا من زوجين رقيقين بلا تحرير ووصية وصورته أن يكون للحر ولد وهو قن لأجنبي فزوج الأب أمته من ولده برضا مولاه فولدت الأمة ولدا فهو حر لأنه ولد ولد المولى اه‍. فعلى هذا ولد الأمة من سيدها أو ابن سيدها أو أبي سيدها حر وقد قدمناه أيضا عن الظهيرية والله أعلم.
(٣٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 ... » »»
الفهرست