البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٢٦٩
وأسند المصنف البطلان إلى الظهر ليفيد أن أصل الصلاة لم يبطل فينقلب نفلا كما في السراج الوهاج. وذكر في الظهيرية والخلاصة الرستاقي إذا سعى يوم الجمعة إلى مصر يريد به إقامة الجمعة وإقامة حوائج نفسه في المصر ومعظم مقصوده إقامة الجمعة ينال ثواب السعي إلى الجمعة وإن كان قصده إقامة الحوائج لا غير أو كان معظم مقصوده إقامة الحوائج لا ينال ثواب السعي إلى الجمعة ا ه‍. وبهذا يعلم أن من شرك في عبادته فإن العبرة للأغلب. وقيد بسعي المصلي لأن المأموم لو لم يسع إليها وسعى إمامه فإنه لا يبطل ظهر المأموم وإن بطل ظهر إمامه لأن بطلانه في حق الإمام بعد الفراغ فلا يضر المأموم كما صرح به في المحيط.
قوله: (وكره للمعذور والمسجون أداء الظهر بجماعة في العصر) لأن المعذور قد يقتدي به غيره فيؤدي إلى تركها، وما علل به في الهداية أولا بقوله لما فيه من الاخلال بالجمعة إذ هي جامعة للجماعات مبني على عدم جواز تعددها في مصر واحد وهو خلاف المنصوص عليه رواية ودراية. قيد بالمصر لأن الجماعة غير مكروهة في حق أهل السواد لأنه لا جمعة عليهم، وأفاد بالكراهة أن الصلاة صحيحة لاستجماع شرائطها، وفي فتاوي الولوالجي: قوم لا يجب عليهم أن يحضروا الجمعة لبعد الموضع صلوا الظهر جماعة لأنه لا يؤدي إلى تقليل الجماعة في الجمعة ا ه‍. فإن كانوا في السواد فظاهر، وإن كانوا في المصر فهي مستثناة من كلام المصنف، ولو حذف المصنف المعذور والمسجون لكان أولى فإن أداء الظهر بجماعة مكروه يوم الجمعة مطلقا. قال في الظهيرية: جماعة فاتتهم الجمعة في المصر فإنهم يصلون الظهر بغير آذان ولا إقامة ولا جماعة ا ه‍. وذكر الولوالجي: ولا يصلي يوم الجمعة جماعة في مصر ولا يؤذن ولا يقيم في سجن وغيره لصلاة، ولو زاد أداؤه منفردا قبل صلاة الإمام لكان أولى لما في الخلاصة:
ويستحب للمريض أن يؤخر الصلاة إلى أن يفرغ الإمام من صلاة الجمعة وإن لم يؤخره يكره هو الصحيح ا ه‍. ولعله إما لاحتمال أن يقتدي به غيره فيؤدي إلى تركها أو يعافى فيحضرها. وقد اقتصر في المجتبى على الثاني. وإنما صرح بالمسجون مدخوله في المعذور للاختلاف في أهل السجن فإن السراج الوهاج أن المسجونين إن كانوا ظلمة قدروا على إرضاء الخصوم، وإن كانوا مظلومين أمكنهم الاستغاثة وكان عليه حضور الجمعة. وقيد بالجماعة لما في التفاريق أن المعذور يصلي الظهر بأذان، وإقامة وإن كان لا تستحب الجماعة، وقيد بالظهر لأن في غيرها لا بأس أن يصلوا جماعة. وأشار المصنف إلى أن المساجد تغلق يوم الجمعة إلا الجامع لئلا يجتمع
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»
الفهرست