البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٢٦٧
وقد قدمنا أن من أنكر فريضتها فهو كافر بالله تعالى. قال في فتح القدير: لا بد من كون المراد حرم عليه ذلك وصحت الظهر لأن ترك الفرض القطعي باتفاقهم الذي هو آكد من الظهر، فكيف لا يكون مرتكبا محرما غير أن الظهر تقع صحيحة ا ه‍. فالحاصل أن فرض الوقت هو الظهر عندنا بدلالة الاجماع على أن بخروج الوقت يصلي الظهر بنية القضاء، فلو لم يكن أصل فرض الوقت الظهر لما نوى القضاء. ثم هو مأمور بإسقاطه والآتيان بالجمعة.
وعند زفر: فرض الوقت هو الجمعة، وفائدة الاختلاف تظهر في ثلاثة: أحدها في هذه المسألة. ثانيها لو نوى فرض الوقت يصير شارعا في الظهر عندنا، وعنده في الجمعة. ثالثها لو تذكر فائتة عليه وكان لو اشتغل بالقضاء تفوته الجمعة دون الظهر فإنه يقضي ويصلي الظهر بعده عندنا، وعنده يصلي الجمعة، ولو كان بحال تفوته الظهر والجمعة لا يقضيها اتفاقا. كذا في أكثر الكتب. وفي المحيط ذكر ثلاثة أقوال عندهما فرض الوقت الظهر لكن العبد مأمور بإسقاطه عنه بأداء الجمعة، وعند محمد: الفرض هو الجمعة وله أن يسقط بالظهر رخصة، وروي عنه الفرض أحدهما لا بعينه ويتعين ذلك بأدائه، وعند زفر والشافعي: الفرض هو الجمعة والظهر بدل عنها في حق المعذور ا ه‍. وقد ظهر للعبد الضعيف صحة كلاما لقدوري ومن تبعه في التعبير بالكراهة لأن صلاة الظهر قبل أداء الجمعة من الإمام ليست مفوتة للجمعة حتى تكون حراما إنما المفوت لها عدم سعيه، فإن سعيه بعد صلاة الظهر إليها فرض كما صرحوا به، فإن لم يسع فقد فوتها فحرم عليه ذلك. وأما الصلاة فإنها مكروهة فقط باعتبار أنها قد تكون سببا للتفويت باعتبار اعتماده عليها وهم إنما حكموا على صلاة الظهر بالكراهة ولم يقل أحد أن ترك الجمعة بغير عذر مكروه حتى يلزم ما ذكر من الايقاع في جهالة. فقوله في فتح القدير لأنه ترك الفرض القطعي ممنوع لما علمت أنه لا يلزم من صلاة الظهر ترك الفرض والله سبحانه الموفق للصواب. قيد بقوله قبلها لأنه لو صلى الظهر في منزله بعد ما صلى الإمام الجمعة يجوز اتفاقا بلا كراهة. كذا في غاية البيان. مع أنه قد فوت الجمعة فنفس الصلاة غير مكروهة وتفويت الجمعة حرام وهو مؤيد لما قلنا. وقيد بقوله لا عذر له لأن المعذور إذا صلى الظهر قبل الإمام فلا كراهة اتفاقا.
قوله: (فإن سعى إليها بطل) أي الظهر المؤدى عند أبي حنيفة بمجرد السعي إليها لأنه
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»
الفهرست