البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٥٢٢
تنزيهية ا ه‍. ولنا مخلص مع جعلها تحريمية كما هو المذهب بأن يقال: لما شرع في الصلاة لم يكن مرتكبا للمنهي عنه فوجب عليه المضي وحرم القطع بقوله تعالى * (ولا تبطلوا أعمالكم) * (محمد: 33) فلما قيدها بسجدة حرم عليه المضي فتعارض محرمان ومع أحدهما وجوب فتقدم حرمة القطع والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.
باب الاعتكاف ذكره بعد الصوم لما أنه من شرطه كما سيأتي، والشرط يقدم على المشروط. وهو لغة افتعال من عكف إذا دام من باب طلب، وعكفه حبسه ومنه * (والهدي معكوفا) * (الفتح:
25) وسمي به هذا النوع من العبادة لأنه إقامة في المسجد مع شرائط. كذا في المغرب وفي الصحاح: الاعتكاف الاحتباس. وفي النهاية إنه متعد فمصدره العكف، ولازم فمصدره العكوف. فالمعتدي بمعنى الحبس والمنع ومنه قوله تعالى * (والهدى معكوفا) * (الفتح: 25) ومنه الاعتكاف في المسجد. وأما اللازم فهو الاقبال على الشئ بطريق المواظبة ومنه قوله تعالى * (يعكفون على أصنام لهم) * () وشرعا اللبث في المسجد مع نيته، فالركن هو اللبث. والكون في المسجد والنية شرطان للصحة، وأما الصوم فيأتي. ومنها الاسلام والعقل والطهارة عن الجنابة والحيض والنفاس، وأما البلوغ فليس بشرط حتى يصح اعتكاف الصبي العاقل كالصوم، وكذا الذكورة والحرية فيصح من المرأة والعبد بإذن الزوج والمولى ولو نذرا فلمن له الاذن المنع ويقضيانه بعد زوال الولاية بالطلاق البائن والعتق، وأما المكاتب فليس للمولى منعه ولو تطوعا، ولو أذن لها به لم يكن له رجوع لكونه ملكها منافع الاستمتاع بها وهي من أهل الملك بخلاف المملوك لأنه ليس من أهله وقد أعاره منافعه وللمعير الرجوع لكنه يكره لخلف الوعد. كذا في البدائع وفيه بحث، لأنه لا حاجة إلى التصريح بالاسلام والعقل لما أنهما علما من اشتراط النية لأن الكافر والمجنون ليسا بأهل لها. وأما الطهارة من الجنابة فينبغي أن تكون شرطا للجواز بمعنى الحل كالصوم لا للصحة كما صرح به. وأما
(٥٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 517 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 ... » »»
الفهرست