البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٢٠٣
الوضوء أو التيمم وله جارية فعليها أن توضئه لأنها مملوكة وطاعة المالك واجبة إذا عرى عن المعصية، وإذا كان له امرأة لا يجب عليها أن توضئه لأن هذا ليس من حقوق النكاح إلا إذا تبرعت فهو إعانة على البر. والعبد المريض إذا كان لا يستطيع أن يتوضأ يجب على مولاه أن يوضئه بخلاف المرأة المريضة حيث لا يجب على الزوج أن يتعاهدها لأن المعاهدة إصلاح الملك وإصلاح الملك على المالك، وأما المرأة حرة فكا إصلاحها عليها ا ه‍. وفي التجنيس: قال أبو حنيفة في متوضئ لا يقدر على مكان طاهر وقد حضرت الصلاة صلى بالايماء ثم يعيد ما صلى بالايماء قضاء لحق الوقت بالتشبه وإنما يعيد لأن العذر جاء من قبل العبد. وقال محمد: لا يصلي الماشي وهو يمشي ولا السابح وهو يسبح في البحر ولا السائف وهو يضرب بالسيف لأن هذه الأفعال منافية للصلاة، ولهذا شغل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاته يوم الخندق لأجل القتال ثم قال: الغريق في البحر إذا حضرته الصلاة إن وجد ما يتعلق به أو كان ماهرا في السباحة بحيث يمكنه الصلاة بالايماء من غير أن يحتاج فيه إلى عمل كثير افترض عليه أداء الصلاة لأنه قادر، ولو لم يجد ما يتعلق به ولم يكن ماهرا في السباحة يعذر بالتأخير إلى أن يخرج لأنه غير قادر على أداء الصلاة ا ه‍. وفي القنية: مريض لا يمكنه الصلاة إلا بأصوات مثل أوه ونحوه يجب عليه أن يصلي ولو اعتقل لسانه يوما وليلة فصلى صلاة الأخرس ثم انطلق لسانه لا تلزمه الإعادة.
قوله: (وإلا أخرت) أي وإن لم يقدر على الايماء برأسه أخرت الصلاة إلى القدرة. وفي الهداية: وقوله أخرت عنه إشارة إلى أنه لا تسقط الصلاة عنه، وإن كان العجز أكثر من يوم وليلة إذا كان مفيقا هو الصحيح لأنه يفهم مضمون الخطاب بخلاف المغمى عليه ا ه‍.
وذهب شيخ الاسلام وقاضيخان وقاضي غنى إلى أن الصحيح هو السقوط عند الكثرة لا القلة. وفي الظهيرية: وهو ظاهر الرواية وعليه الفتوى. وفي الخلاصة: وهو المختار لأن مجرد العقل لا يكفي لتوجه الخطاب. وصححه في البدائع وجزم به الولوالجي وصاحب التجنيس مخالفا لما في الهداية، واختاره المصنف في الكافي وصححه في الينابيع ورجحه في فتح القدير بالقياس على المغمى عليه ا ه‍. وعلى هذا فمعنى قوله عليه السلام فالله أحق بقبول العذر أي عذر السقوط، وعلى ما اختاره صاحب الهداية معناه بقبول عذر التأخير.
كذا في معراج الدراية. واستشهد قاضيخان بما ذكره محمد فيمن قطعت يداه من المرفقين ورجلاه من الساقين لا صلاة عليه، فثبت أن مجرد العقل لا يكفي لتوجه الخطاب. ورده في
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست