البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٧٧
فظاهر، وكذا من لم يجعله مكلفا لأنه جعله كالصبي العاقل وقد صرحوا بصحة عباداته فيفهم منه أن العتة لا ينقض الوضوء والله سبحانه الموفق.
قوله (وسكر) أي وينقضه سكر وهو سرور يغلب على العقل بمباشرة بعض الأسباب الموجبة له فيمتنع الانسان عن العمل بموجب عقله من غير أن يزيله، ولذا بقي أهلا للخطاب. وقيل إنه يزيله وتكليفه مع زوال عقله بطريق الزجر عليه، والتحقيق الأول لما ذكره الحكيم الترمذي في نوادره: العقل في الرأس وشعاعه في الصدر والقلب، فالقلب يهتدي بنوره لتدبير الأمور وتمييز الحسن من القبيح، فإذا شرب الخمر خلص أثرها إلى الصدر فحال بينه وبين نور العقل فيبقى الصدر مظلما فلم ينتفع القلب بنور العقل فسمي ذلك سكرا لأنه سكر حاجز بينه وبين العقل. وقد اختلف في حده هنا ففي الخلاصة والولواجية والينابيع ونقله في المضمرات والتبيين عن صدر الاسلام وعزاه مسكين إلى شرح المبسوط أن حده هو وحده في وجوب الحد وهو من لا يعرف الرجل من المرأة. وقال شمس الأئمة الحلواني: هو من حصل في مشيته اختلال وصححه في المجتبى وشرح الوقاية والمضمرات وشرح مسكين. قالوا: وكذا الجواب في الخنث إذا حلف أنه ليس بسكران وكان على الصفة التي قلنا يحنث في يمينه وإن لم يكن بحال لا يعرف الرجل من المرأة. وقد ذكر ابن وهبان في منظومته أن السكر يبطل الوضوء والصلاة وهو محمول على أنه شرب المسكر فقام إلى الصلاة قبل أن يصير إلى هذه الحالة ثم صار في أثنائها إلى حالة لو مشى فيها يتحرك.
قوله (وقهقهة مصل بالغ) أي وينقضه قهقهة وهي في اللغة معروفة وهو أن يقول قه قه وقهقه بمعنى. واصطلاحا ما يكون مسموعا له ولجيرانه بدت أسنانه أو لا. وظاهر كلام المصنف وجماعة أن القهقهة من الاحداث. وقال بعضهم: إنها ليست حدثا فإنما يجب الوضوء بها عقوبة وزجرا وهو ظاهر كلام جماعة منهم القاضي أبو زيد الدبوسي في الاسرار وهو موافق للقياس لأنها ليست خارجا نجسا بل هي صوت كالبكاء والكلام. وفائدة الخلاف أن من جعلها حدثا منع جواز مس المصحف معها كسائر الاحداث، ومن أوجب الوضوء عقوبة جوز مس المصحف معها، هكذا نقل الخلاف وفائدته في معراج الدراية. وينبغي ترجيح الثاني لموافقته القياس وسلامته مما يقال من أنها ليست نجاسة ولا سببها وموافقة الأحاديث
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»
الفهرست