البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٥٧٠
لا يكون مسيئا بترك القراءة فيهما لكن مقتضى أثر علي وابن مسعود أنه لا يكون مسيئا بالسكوت وهو ظاهر ما في البدائع والذخيرة والخانية، وإن صاحب المحيط على خلافه.
واتفق الكل على أن القراءة أفضل وليس بمناف للتخيير كالحلق مع التقصير وصوم المسافر في رمضان إذ لا مانع من التخيير بين الفاضل والأفضل، وصحح في المجتبى أنه ينوي الذكر والثناء موافقا لما في المحيط، واستدل له في المبسوط. وفي البدائع أن رجلا سأل عائشة عن قراءة الفاتحة في الأخريين فقالت: ليكن على وجه الثناء وقد قدمنا في الحيض أن القرآن يخرج عن القرآنية بالقصد وأن بعضهم لا يرى به في الفاتحة فينبغي كذلك هنا، ومن الغريب ما نقله في المجتبى عن غريب الرواية أنه لو قرأ الفاتحة في الأخريين بنية القرآن يضم إليها السورة ا ه‍. وكان وجهه القياس على الأوليين، ولا يخفى عدم صحته لما عهد في الأخريين من التخفيف.
وأشار بقوله اكتفى بالفاتحة إلى أنه لا يزيد عليها على أنه سنة، والظاهر أن الزيادة عليها مباحة لما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين قدر ثلاثين آية، وفي الأخريين قدر خمسة عشر آية، وقال نصف ذلك. ولهذا قال فخر الاسلام وتبعه في غاية البيان أن السورة مشروعة نفلا في الأخريين حتى لو قرأها في الأخريين ساهيا لم يلزمه السجود، وفي الذخيرة وهو المختار، وفي المحيط وهو الأصح، وإن كان الأولى الاكتفاء بها لحديث أبي قتادة السابق، ويحمل حديث أبي سعيد على تعليم الجواز، ويحمل ما في السراج الوهاج معزيا إلى الاختيار من كراهة الزيادة على الفاتحة على كراهة التنزيه التي مرجعها إلى خلاف الأولى. وقيدنا بالفرائض لأن النفل والواجب تجب القراءة في جميع الركعات بالفاتحة والسورة كما سيأتي، وأشار أيضا إلى أنه لا يأتي بالثناء والتعوذ في الشفع الثاني من الفرائض والواجب كالفرض في هذا بخلاف النوافل، سنة كانت أو غيرها، فإنه يأتي بالثناء والتعوذ فيه كالأول لأن كل شفع صلاة على حدة، ولذا يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في القعود الأول. واستثنى من ذلك في المجتبى الأربع قبل الظهر والجمعة وبعدها فإنها صلاة واحدة كالفرض لكن هو مسلم في الأربع قبل
(٥٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 565 566 567 568 569 570 571 572 573 574 575 ... » »»
الفهرست