البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٥٢٦
العربي بل يجوز بأي لسان كان مع قدرته على العربي، ولذا لم يقل ولفظ التشهد وقال ولفظ السلام. وقال غيره: وإصابة لفظ السلام لكن هذه الإشارة يخالفها صريح المنقول فإنه سيأتي أن الشارح نقل الاجماع أن السلام لا يختص بلفظ العربي قوله: (وقنوت الوتر) أي وقراءة القنوت في الوتر واجبة، وهذا عند أبي حنيفة، وأما عندهما فهو سنة كنفس صلاة الوتر.
واستدل لوجوبه بأنه يضاف إلى الصلاة فيقال قنوت الوتر فدل أنه من خصائصه. وهو إما بالوجوب أو بالفرض وانتفى الثاني فتعين الأول ولا يخفى ما فيه فإن هذه الإضافة لم تسمع من الشارع حتى تفيد الاختصاص، واستدل بعضهم بما رواه أصحاب السنن الأربعة عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. فإنه صريح في المواظبة على هذا القول وأنت خبير بأنه لا يدل على المطلوب وسيأتي شئ منه في بابه، وأن المراد بالقنوت الدعاء ولا يختص بلفظ حتى قال بعضهم: الأفضل أن لا يؤقت دعاء.
ومنهم من قال به إلا الدعاء المعروف اللهم إنا نستعينك إلى آخره. واتفقوا على أنه لو دعا بغيره جاز ولهذا قالوا من لا يحسن القنوت المعروف يقول اللهم اغفر لي قوله: (وتكبيرات العيدين) أي والتكبيرات الزوائد في صلاتي العيدين وهي ثلاث في كل ركعة، واستدل للوجوب بالإضافة المتقدمة وفيه من البحث ما قدمناه. وذكر في فتح القدير أن الأولى أن يستدل على وجوب الأذكار المذكورة بالمواظبة المقرونة بالترك في التشهد للنسيان فلا يلحق بالمبين أعني الصلاة ليكون فرضا، أما في قنوت الوتر وتكبيرات العيدين فلان أصلهما بظني فلا تكون المواظبة فيهما محتاجة إلى الاقتران بالترك ليثبت به الوجوب، والمواظبة في السلام معارضة بحديث ابن مسعود فلم يتحقق بيانا لما تقرر جزءا للصلاة ا ه‍. وظاهره ثبوت المواظبة على القنوت وتكبيرات الزوائد من غير ترك حتى أثبت بها الوجوب، وقد نازع هو في ذلك في باب صلاة الوتر بأن الوارد مطلق المواظبة أعم من المقرونة بالترك أحيانا وغير المقرونة ولا دلالة للأعم على الأخص وإلا لوجب الكلمات الواردة عينا أو كانت أولى من غيرها. وذكر في المستصفى أن من الواجبات رعاية لفظ التكبير في تكبيرة الافتتاح في صلاة العيدين حتى يجب عليه سجود السهو إذا قال الله أجل أو أعظم يعني ساهيا بخلاف سائر الصلوات ا ه‍. وسيأتي بيان الخلاف في مراعاة لفظ التكبير للافتتاح في سائر الصلوات وأن
(٥٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 531 ... » »»
الفهرست