البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٥٢٥
التثنية للمواظبة الدالة على الوجوب، ولقوله صلى الله عليه وسلم لابن مسعود قل التحيات من غير تفرقة بين الأول والثاني. واختار جماعة سنية التشهد في القعدة الأولى للفرق بين القعدتين لأن الأخيرة لما كانت فرضا كان تشهدها واجبا، والأولى لما كانت واجبة كان تشهدها سنة، وأجيب بمنع الملازمة فإن التشهد إنما هو ذكر مشروع في حالة مخصوصة واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم في القعدتين، فلذا كان الوجوب فيهما ظاهر الرواية وهو الأصح كما في المحيط والذخيرة، وصرح به في الهداية في باب سجود السهو وإن كان سكت عنه في باب صفة الصلاة، فقول صدر الشريعة إن صاحب الهداية جعله سنة غير صحيح وغفلة عن تصريحه به في ذلك الباب ولعل صاحب الكتاب إنما لم يأت بالتثنية للإشارة إلى أن كل تشهد يكون في الصلاة فهو واجب، سواء كان اثنين أو أكثر كما علمته في القعود.
قوله: (ولفظ السلام) للمواظبة عليه. وذهبت الأئمة الثلاثة إلى افتراضه حتى قال النووي: لو أخل بحرف من حروف السلام عليكم لم تصح صلاته كما لو قال السلام عليك أو سلامي عليكم لما أخرجه أبو داود وغيره عن علي مرفوعا مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم. ولنا ما في حديث ابن مسعود إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له بعد أن علمه التشهد: إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد، رواه أبو داود. وأطلق بعض المشايخ اسم السنة عليه وهو لا ينافي الوجوب والخروج من الصلاة يحصل عندنا بمجرد لفظ السلام ولا يتوقف على قوله عليكم. وفي قوله لفظ السلام إشارة إلى أن الالتفات به يمينا ويسارا ليس بواجب وإنما هو سنة على ما سيأتي، وإلى أن الواجب السلام فقط دون عليكم وإلى أن لفظا آخر لا يقوم مقامه ولو كان بمعناه حيث كان قادرا عليه بخلاف التشهد في الصلاة حيث لا يختص بلفظ
(٥٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 ... » »»
الفهرست