البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٤٧٧
بمخير ولا تجوز صلاته إلا في الثوب لأن خطاب التطهير سقط عنه لعجزه ولم يسقط عنه خطاب الستر لقدرته عليه فصار كالطاهر في حقه. ولهما أن المأمور به هو الستر بالطاهر فإذا لم يقدر عليه سقط فيميل إلى أيهما شاء. ولو قال المصنف وخير إن طهر الأقل أو كان كله نجسا لكان أفود إذا الحكم كذلك مذهبا وخلافا كما في النهاية وغيرها، أو اقتصر على الثاني ليفهم منه الأول بالأولى لكان أولى. وفي الاسرار: قول محمد أحسن بخلاف ما لو لم يجد إلا جلد ميتة غير مدبوغ فإنه لا يجوز أن يستر به عورته، ولم تجز صلاته فيه لأن نجاسة البول أو الدم أو نحوهما في الثوب كله تزول بالماء، ونجاسة الجلد لا يزيلها الماء فكانت أغلظ. وأشار المصنف إلى أنه لو كان معه ثوبان ربع أحدهما طاهر والآخر أقل من الربع، فإنه يصلي في الذي ربعه طاهر ولا يجوز عكسه لما أن طهارة الربع كطهارة الكل. ويستفاد منه أن نجاسة أحدهما لو كانت قدر الربع والآخر أقل وجب أن يصلي في أقلهما ولا يجوز عكسه لأن للربع حكم الكل، ولما دون الربع حكم العدم وإلى أنه لو كان في كل واحد منهما قدر الربع أو كان في أحدهما أكثر لكن لا يبلغ ثلاثة أرباعه وفي الآخر قدر الربع فإنه يصلي في أيهما شاء لاستوائهما في الحكم. وكذا لو كان معه ثوبان نجاسة كل واحد منهما أكثر من قدر الدرهم يتخير ما لم يبلغ أحدهما ربع الثوب لاستوائهما في المنع. وفي المحيط: ولو كان الدم في ناحية من الثوب والطاهر منه بقدر ما يمكنه أن يتزر به لم يجز إلا أن يصلي فيه لأنه يمكنه ستر العورة بثوب طاهر ولم يفصل بينهما إذا تحرك الطرف الآخر أو لم يتحرك ا ه‍. وبهذا علم أن التفصيل المتقدم إنما هو عند الاختيار، أما عند الضرورة فلا تفصيل. ثم الأصل في جنس هذه المسائل أن من ابتلي ببليتين وهما متساويتان يأخذ بأيهما شاء، وإن اختلفا فعليه أن يختار أهونهما، ولهذا لو أن امرأة لو صلت قائمة ينكشف من عورتها ما يمنع جواز الصلاة، ولو صلت قاعدة لا ينكشف منها شئ فإنها تصلي قاعدة لما أن ترك القيام أهون. ولو كان الثوب يغطي جسدها وربع رأسها فتركت تغطية الرأس لا يجوز، ولو كان يغطي أقل من الربع لا يضر والستر أفضل تقليلا للانكشاف. ولو كان جريح لو سجد سال جرحه وإن لم يسجد لم
(٤٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 ... » »»
الفهرست