البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣٠٠
الشراك اه‍. وفي المحيط: ولا يسن مسح باطن الخف مع ظاهره خلافا للشافعي لأن السنة شرعت مكملة للفرائض والاكمال إنما يتحقق في محل الفرض لا في غيره اه‍. وفي غيره نفي الاستحباب وهو المراد واحتج الشافعي بحديث المغيرة بن شعبة قال: وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فمسح أعلى الخف وأسفله. رواه أبو داود. ولنا ما رواه أبو داود والبيهقي من طرق عن علي رضي الله عنه: لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه. أراد أن أصول الشريعة لم تثبت من طريق القياس وإنما طريقها التوقيف وغير جائز استعمال القياس في رد التوقيف وكان القياس أن يكون باطن الخف أولى بالمسح لأنه يلاقي الأرض بما عليها من طين وتراب وقذر ولا يلاقيها ظاهره إلا أنه لم يستعمل القياس لأنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح ظاهر الخف دون باطنه، وهذا يدل على أن مراده كان نفي القياس مع النص. كذا ذكره الجصاصي في أصوله اه‍. كذا في غاية البيان. وهذا يفيد كظاهر ما في النهاية وغيرها أن المراد بالباطن عندهم محل الوطئ لا ما يلاقي البشرة، وتعقبهم المحقق في فتح القدير بأنه بتقديره لا تظهر أولوية مسح باطنه لو كان بالرأي بل المتبادر من قول علي رضي الله عنه ذلك ما يلاقي البشرة، وهذا لأن الواجب من غسل الرجل في الوضوء ليس لإزالة الخبث بل الحدث ومحل الوطئ من باطن الرجل فيه كظاهره، وكذا ما روي عن علي فيه بلفظ لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه يجب أن يراد بالأسفل الوجه الذي يلاقي البشرة لأنه أسفل من الوجه الاعلى المحاذي للسماء كما ذكرنا اه‍. وما روي أنه مسح أعلاه وأسفله فقد ضعفه الترمذي وأبو داود وغيرهما، ولو صح فمعناه ما يلي الساق وما يلي الأصابع توفيقا بينه وبين حديث علي. كذا في غاية البيان. وأورد أنه ينبغي جواز مسح الأسفل والعقب لأنه خلف عن الغسل فيجوز في جميع محل الغسل كمسح الرأس فإنه يجوز في جميع الرأس وإن ثبت مسحه عليه السلام على الناصية. وأجيب بأن فعله هنا ابتداء غير معقول فيعتبر جميع ما ورد به الشرع من رعاية الفعل والمحل بخلاف مسحه على الناصية فإنه بيان ما ثبت بالكتاب لا نصب الشرع فيجب العمل بقدر ما يحصل به البيان وهو المقدار لأن المحل معلوم بالنص فلا حاجة إلى جعل فعله بيانا له. وتعقب بأنه ينبغي أن يجب المسح إلى الساق رعاية لجميع ما ورد به
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»
الفهرست