البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٩٨
له المسح على الخف. وفي البدائع: لو توضأ ومسح على جبائر قدميه ولبس خفيه أو كانت إحدى رجليه صحيحة فغسلها ومسح على جبائر الأخرى ولبس خفيه ثم أحدث، فإن لم يكن برئ الجرح مسح على الخفين لأن المسح على الجبائر كالغسل لما تحته فحصل لبس الخفين على طهارة كاملة كما لو أدخلهما مغسولتين حقيقة في الخف، وإن كان برئ الجرح نزع خفيه لأنه صار محدثا بالحدث السابق فظهر أن اللبس حصل لا على طهارة اه‍. وفي المحيط: وإن لبس الخف ثم مسح على الجبيرة ثم برئ يكمل مدته لأنه لزمه غسل ما برئ بحدث متأخر عن اللبس، وإن لم يحدث حتى برئ فغسل موضعه ثم أحدث فله أن يمسح على خفيه لأنه لما غسل ذلك الموضع فقد كملت الطهارة فيكون الحدث طارئا على طهارة كاملة، وإن أحدث قبل أن يغسل موضع الجراحة بعد البرء لا يمسح بل ينزع الخف لأن الحدث طرأ على طهارة ناقصة اه‍. واعلم أنا قد قدمنا أن عدم مسح المتيمم بعد وجود الماء لم يستفد من اشتراط اللبس على الوضوء التام لأن طهارة التيمم تامة لما علمت من أنها كالتي بالماء ما بقي الشرط، بل لأنه لو جاز المسح بعد وجود الماء لكان الخف رافعا للحدث الذي حل بالقدم لأن الحدث الذي يظهر عند وجود الماء هو الذي قد كان حل به قبل التيمم لكن المسح إنما يزيل ما حل بالممسوح بناء على اعتبار الخف مانعا شرعا سراية الحدث الذي يطرأ بعده إلى القدمين، وبهذا يظهر ضعف ما في شرح الكنز من جعله طهارة التيمم ناقصة كما لا يخفى.
قوله (يوما وليلة للمتيمم وللمسافر ثلاثا) هذا بيان لمدة المسح أي صح المسح يوما وليلة الخ. وهذا قول جمهور العلماء منهم أصحابنا والشافعي وأحمد، والحجة لهم أحاديث كثيرة صريحة يطول سردها، وقد اختلف القول عن مالك في جوازه للمقيم ومشى أبو زيد في رسالته على جوازه للمقيم. قوله (من وقت الحدث) بيان لأول وقته ولا يعتبر من وقت المسح الأول كما هو رواية عن أحمد واختاره جماعة منهم النووي وقال لأنه مقتضى أحاديث الباب الصحيحة، ولا من وقت اللبس كما هو محكي عن الحسن البصري واختاره السبكي من متأخري الشافعية لأنه وقت جوازه الرخصة. والحجة للجمهور أن أحاديث الباب كلها دالة على أن الخف جعل مانعا من سراية الحدث إلى الرجل شرعا فتعتبر المدة من وقت المنع لأن ما
(٢٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»
الفهرست