البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١٨٢
بالدباغ. وقال في باب الحدث: وجلد الكلب يطهر عندنا بالدباغ خلافا للحسن والشافعي لأن عينه نجس عندهما ولكننا نقول: الانتفاع به مباح الاختيار فلو كان عينه نجسة لما أبيح الانتفاع به، وهذا صريح في مخالفة الأول. وذكر أيضا في كتاب الصيد في مسألة بيع الكلب في التعليل قال: وبهذا يتبين أنه ليس بنجس العين. وذكر في الايضاح اختلاف الرواية فيه.
وفي مبسوط شيخ الاسلام: وأما جلد الكلب فعن أصحابنا فيه روايتان في رواية يطهر بالدبغ وفي رواية لا يطهر وهو الظاهر من المذهب.
وذكر في البدائع أن فيه اختلاف المشايخ فمن قال إنه نجس العين جعله كالخنزير، ومن جعله طاهر العين جعله مثل سائر الحيوانات سوى الخنزير، والصحيح أنه ليس بنجس العين وكذا صححه في موضع آخر وقال: إنه أقرب القولين إلى الصواب ولذلك قال مشايخنا فيمن صلى وفي كمه جرو إنه تجوز صلاته. وقيد الفقيه أبو جعفر الهندواني الجواز بكونه مشدود الفم ا ه‍. ولذا صحح في الهداية طهارة عينه وتبعه شارحوها كالأتقاني والكاكي والسغناقي، واختار قاضيخان في الفتاوى نجاسة عينه وفرع عليها فروعا. فالحاصل أنه قد اختلف التصحيح فيه والذي يقتضيه عموم ما في المتون كالقدوري والمختار والكنز طهارة عينه ولم يعارضه ما يوجب نجاستها فوجب أحقية تصحيح عدم نجاستها، ألا ترى أنه ينتفع به حراسة واصطيادا. وقد صرح في عقد الفوائد شرح منظومة ابن وهبان بأن الفتوى على طهارة عينه، وأما ما استدل به في المبسوط من قول محمد وليس الميت بأنجس من الكلب والخنزير فقد قال في غاية البيان: لا نسلم أن نجاسة العين تثبت في الكلب بهذا القدر من الكلام، فمن ادعى ذلك فعليه البيان ولم يرد نص عن محمد في نجاسة العين، وما أورده من أنه لا يلزم من الانتفاع به طهارة عينه فإن السرقين ينتفع به إيقادا وتقوية للزراعة مع نجاسة عينه. أجاب عنه في النهاية وغيرها بأن هذا الانتفاع بالاستهلاك وهو جائز في نجس العين كالاقتراب من الخمر للإراقة. وقال في القنية رامزا لمجد الأئمة: وقد اختلف في نجاسة الكلب والذي صح عندي من الروايات في النوادر والآمالي نجس العين عندهما، وعند أبي حنيفة ليس بنجس العين ا ه‍. ومشى عليه ابن وهبان في منظومته وذكره في عقد الفوائد شرحها، وذكر الناطفي عن محمد إذا صلى على جلد كلب أو ذئب قد ذبح جازت صلاته، ولا يخفى أن هذه الرواية تفيد طهارة عينه عند محمد فيجوز أن يكون عن محمد روايتان ا ه‍.
وقال القاضي الأسبيجابي: وإما الكلب يحتمل الذكاة والدباغة في ظاهر الرواية خلافا لما روى
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»
الفهرست