البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١١٦
وأما الاحتلام فهو افتعال من الحلم بضم الحاء وإسكان اللام وهو ما يراه النائم من المنامات. يقال حلم في منامه بفتح الحاء واللام واحتلم وحلمت كذا وحلمت بكذا هذا أصله ثم جعل اسما لما يراه النائم من الجماع فيحدث معه إنزال المني غالبا فغلب لفظ الاحتلام في هذا دون غيره من أنواع المنام لكثرة الاستعمال. وحكمه عدم وجوب الغسل إذا لم ينزل لما روى البخاري ومسلم عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال: نعم إذا رأت الماء. ونقل النووي في شرح المهذب عن ابن المنذر الاجماع عليه. وأما ما استدل به في بعض الشرح ومن حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل عن الرجل يجد البلل ولا يذكر الاحتلام قال يغتسل. وعن الرجل يرى أنه احتلم ولا يجد البلل قال:
لا غسل عليه. فهو وإن كان مشهورا رواه الدارمي وأبو داود الترمذي وغيرهم لكنه من رواية عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف عند أهل العلم لا يحتج بروايته ويغني عنه حديث أم سليم المتقدم فإنه يدل على جميع ما يدل عليه هذا هكذا في شرح المهذب. ولا يقال إن الاستدلال بحديث أم سليم صحيح على مذهب من يقول بمفهوم الشرط وأنتم لا تقولون به لأنا نقول: إن الحكم معلق بالشرط فإذا عدم الشرط انعدم الحكم بالعدم الأصلي لا بأن عدم الشرط أثر في عدم الحكم كما تقدم.
قوله: (وسن للجمعة والعيدين والاحرام وعرفة) أي وسن الغسل لأجل هذه الأشياء.
وأما الجمعة فلما روى الترمذي وأبو داود النسائي وأحمد في مسنده والبيهقي في سننه وابن أبي شيبة في مصنفة وابن عبد البر في الاستذكار عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل قال الترمذي حديث حسن صحيح أي فبالسنة أخذ ونعمت هذه الخصلة، وقيل فبالرخصة أخذ
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست