البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١١٤
الواجب إلا به فهو واجب. وإذا ثبت هذا فيما دون العشرة ثبت في العشرة بدلالة النص لأن وجوب الاغتسال لأجل خروج الدم وقد وجد في العشرة. فإن قيل: إنما وجب الاغتسال فيما دون العشرة لتتأكد به صفة الطهارة عن الحيض وزوال الأذى ليثبت الحل للزوج، ولهذا يثبت الحل بمضي وقت صلاة عليها وإن لم تغتسل لوجود التأكيد بصيرورة الصلاة دينا عليها، وفي العشرة قد تأكد صفة الطهارة بنفس الانقطاع فانعدم المعنى الموجب فلا يمكن الالحاق بطريق الدلالة كما لا يمكن إثبات الحد باللواطة بمعنى الحرمة لانعدام المعنى الموجب للحد بعد الحرمة وهو كثرة الوقوع قلنا: ليس كذلك بل المعنى الموجب موجود لأنه إما الحدث أو إرادة الصلاة على الخلاف، وكلاهما ثابت هنا، فأما الفرق الذي يدعيه فإنما يثبت إذا كان وجوب الاغتسال لثبوت الحل وليس كذلك، ألا ترى أنها لو لم تكن ذات زوج وجب عليها الاغتسال مع انعدام المعنى الذي يدعيه ولكنه وإن وجب بسبب آخر جعل غاية للحرمة فيما دون العشرة فإن الحيض به ينتهي فتنتهي الحرمة المبنية عليه، فعرفنا بعبارة النص في قراءة التشديد حرمان القربان مغيا إلى الاغتسال فيما دون العشرة بإشارته وجوب الاغتسال وبدلالته وجوبه في العشرة. كذا في معراج الدراية معزيا إلى شيخه العلامة. ويدل عليه أيضا حديث فاطمة بنت أبي حبيش أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها:
إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي. رواه البخاري ومسلم عن عائشة. وفي بعض الروايات فاغسلي عنك الدم وصلي. وفي البدائع: ولا نص في النفاس وإنما عرف بالاجماع، ثم إجماعهم يجوز أن يكون على خبر في الباب لكنهم تركوا نقله اكتفاء بالاجماع، ويجوز أن يكون بالقياس على دم الحيض لكون كل منهما دما خارجا من الرحم ا ه‍. والمذكور في الأصول أن الاجماع في كل حادثة لا يتوقف على نص على الأصح. وفي الكافي للحاكم الشهيد وإذا أجنبت المرأة ثم أدركها الحيض فإن شاءت اغتسلت وإن شاءت أخرت حتى تطهر، وعند مالك: عليها أن تغتسل بناء على أصله أن الحائض لها أن تقرأ القرآن ففي اغتسالها من الجنابة هذه الفائدة.
قوله: (لا مذي وودي واحتلام بلا بلل) بالجر عطف على مني أي لا يفترض الغسل عند هذه الأشياء. أما المذي ففيه ثلاث لغات: المذي بإسكان الذال وتخفيف الياء والمذي بكسر الذال وتشديد الياء وهاتان مشهورتان. قال الأزهري وغيره: التخفيف أفصح وأكثر.
والثالثة المذي بكسر الذال وإسكان الياء حكاها أبو عمر الزاهد في شرح الفصيح عن ابن الاعرابي. ويقال مذي بالتخفيف وأمذي ومذي بالتشديد والأول أفصح، وهو ماء أبيض
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست