بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٩٤
روى الحسن عن أبي حنيفة ولو اشترى ثوبا واحدا فرأى ظاهره مطويا ولم ينشره فإن كان ساذجا ليس بمنقش ولا بذى علم فلا خيار له لان رؤية ظاهره مطويا تفيد العلم بالباقي وإن كان منقشا فهو على خياره ما لم ينشره ويرى نقشه لان النقش في الثوب المنقش مقصود وان لم يكن منقشا ولكنه ذو علم فرأى علمه فلا خيار له وان لم ير كله ولو رأى كله الا علمه فله الخيار لان العلم في الثوب المعلم مقصود كالنقش ولو اشترى دارا فرأى خارجها أو بستانا فرأى خارجه ورؤس الأشجار فلا خيار له كذا ذكر في ظاهر الرواية لان الدار شئ واحد وكذا البستان فكان رؤية البعض رؤية الكل الا ان مشايخنا قالوا إن هذا مؤول وتأويله ان لا يكون في داخل الدار بيوت وأبنية فيحصل المقصود برؤية الخارج فاما إذا كان داخلها أبنية فله الخيار ما لم ير داخلها لان الداخل هو المقصود من الدار والخارج كالتابع له بمنزلة الثوب المعلم إذا رأى كله الا علمه كان له الخيار لان العلم هو المقصود منه وذكر الكرخي ان أبا حنيفة عليه الرحمة أجاب على عادة أهل الكوفة في زمنه فان دورهم في زمنه كانت لا تختلف في البناء وكانت على تقطيع واحد وهيئة واحدة وإنما كانت تختلف في الصغر والكبر والعلم به يحصل برؤية الخارج وأما الآن فلابد من رؤية داخل الدار وهو الصحيح لاختلاف الأبنية في داخل الدور في زماننا اختلافا فاحشا فرؤية الخارج لا تفيد العلم بالداخل والله عز وجل أعلم هذا إذا كان المشترى شيئا واحدا فرأى بعضه فاما إن كان أشياء فرأى وقت الشراء بعضها دون البعض فلا يخلو اما إن كان من المكيلات أو الموزونات فرأى بعضها وقت الشراء فإن كان في وعاء واحد فلا خيار له لان رؤية البعض فيها تفيد العلم بالباقي فكان رؤية البعض كرؤية الكل الا إذا وجد الباقي بخلاف ما رأى فيثبت له الخيار لكن خيار العيب لا خيار الرؤية وإن كان في وعاءين فإن كان الكل من جنس واحد وعلى صفة واحدة اختلف المشايخ فيه قال مشايخ بلخ له الخيار لان اختلاف الوعاءين جعلهما كجنسين وقال مشايخ العراق لا خيار له وهو الصحيح لان رؤية البعض من هذا الجنس تفيد العلم بالباقي سواء كان في وعاء واحد أو في وعاءين بعد إن كان الكل من جنس واحد وعلى صفة واحدة فإن كان من جنسين أو من جنس واحد على صفتين فله الخيار بلا خلاف لان رؤية البعض من جنس وعلى وصف لا تفيد العلم بجنس آخر وعلى وصف آخر وإن كان من العدديات المتفاوتة كالعبيد والدواب والثياب بان اشترى جماعة عبيدا وجواري أو إبل أو بقر أو قطيع غنم أو جراب هروى فرأى بعضها أو كلها الا واحدا فله الخيار بين أن يرد الكل أو يمسك الكل لان رؤية البعض من هذا الجنس لا تفيد العلم بما وراءه فكأنه لم ير شيئا منه بخلاف المكيل والموزون لان رؤية البعض منه تفيد العلم بالباقي ولو اشترى جماعة ثياب في جراب ورأي أطراف الكل أو طي الكل لا خيار له الا إذا كانت معلمة أو منقشة لأنها إذا لم تكن معلمة ولا منقشه لم يكن البعض من كل واحد منها مقصودا والبعض تبعا ورؤية البعض تفيد العلم بحال الباقي فكان رؤية البعض رؤية الكل كما إذا اشترى البطيخ في السريجة والرمان في القفة فرأى البعض فله الخيار لان البعض منها ليس تبعا للبعض بل كل واحد منها مقصود بنفسه فرؤية البعض منها لا تفيد العلم بالباقي لكونها متفاوتة تفاوتا فاحشا فكان له الخيار وإن كان من العدديات المتقاربة كالجوز والبيض فرأى البعض منها ذكر الكرخي ان له الخيار والحقه بالعدديات المتفاوتة لاختلافها في الصغر والكبر كالبطيخ والرمان وذكر القاضي الامام الاسبيجابي رحمه الله في شرحه مختصر الطحاوي انه لا خيار له وهو الصحيح لان التفاوت بين صغير البيض والجوز وكبيرهما متقارب ملحق بالعدم عرفا وعادة وشرعا ولهذا الحق بالعدم في السلم حتى جاز السلم فيها عددا عند أصحابنا الثلاثة خلافا لزفر فكان رؤية بعضه معرفا حال الباقي ويحتمل أن يكون الجواب على ما ذكره الكرخي ويفرق بين هذا وبين السلم وهو ان البيض والجوز مما يتفاوت في الصغر والكبر حقيقة والأصل في الحقائق اعتبارها الا ان الشرع أهدر هذا التفاوت والحقه بالعدم في السلم لحاجة الناس ولا حاجة إلى الاهدار في اسقاط الخيار فبقي التفاوت فيه معتبرا فرؤية البعض لا تحصل المقصود وهو العلم بحال الباقي فبقي الخيار والله عز وجل أعلم ولو اشترى دهنا في قارورة فرأى خارج القارورة فعن محمد روايتان روى ابن سماعة عنه انه
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306