بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٩٥
لا خيار له لان الرؤية من الخارج تفيد العلم بالداخل فكأنه رآه وهو خارج وروى عنه ان له الخيار لان العلم بما في داخل القارورة لا يحصل بالرؤية من خارج القارورة لان ما في الداخل يتلون بلون القارورة فلا يحصل المقصود من هذه الرؤية وقالوا في المشترى إذا رأى المبيع في المرآة ان له الخيار وكذا في الماء وقالوا لأنه لم ير عينه وإنما رأى مثاله والصحيح انه رأى عين المبيع لا ان غير المبيع في المرآة والماء بل يراه حيث هو لكن لا على الوجه المعتاد بخلق الله تعالى فيه الرؤية وهذا ليس ببعيد لان المقابلة ليست من شرط الرؤية فانا نرى الله تعالى عز شأنه بلا مقابلة ولكن قد لا يحصل له العلم بهيئته لتفاوت المرآة فيعلم بأصله لا بهيئته فلذلك يثبت له الخيار لا لما قالوا والله عز وجل أعلم على أن في العرف لا يشترى الانسان شيئا لم يره ليراه في المرأة أو في الماء ليحصل له العلم بهذا الطريق فلا تكون رؤيته في المرآة وان رأى عينه مسقطة للخيار وعلى هذا قالوا فيمن رأى فرج أم امرأته في الماء أو في المرآة فنظر إليه بشهوة لا تثبت له حرمة المصاهرة وكذا لا يصير مراجعا للمرأة المطلقة طلاقا رجعيا لما قلنا ولو اشترى سمكا في دائرة يمكن أخذه من غير اصطياد وحيلة حتى جاز البيع فرآه في الماء ثم أخذه قال بعضهم لا خيار له لأنه رأى عين السمك في الماء وقال بعضهم له الخيار لان ما رآه كما هو لان الشئ لا يرى في الماء كما هو بل يرى أكثر مما هو فلم يحصل المقصود بهذه الرؤية وهو معرفته كما هو فله الخيار (وأما) بيان وقت ثبوت الخيار فوقت ثبوت الخيار هو وقت الرؤية لا قبلها حتى لو أجاز قبل الرؤية ورضى به صريحا بأن قال أجزت أو رضيت أو ما يجرى هذا المجرى ثم رآه له أن يرده لما روى عن النبي عليه الصلاة والسلام انه أثبت الخيار للمشترى بعد الرؤية فلو ثبت له خيار الإجازة قبل الرؤية وأجاز لم يثبت له الخيار بعد الرؤية وهذا خلاف النص ولان المعقود عليه قبل الرؤية مجهول الوصف والرضا بالشئ قبل العلم به والعلم بوجود سببه محال فكان ملحقا بالعدم (وأما) الفسخ قبل الرؤية فقد اختلف المشايخ فيه قال بعضهم لا يجوز لأنه لا خيار قبل الرؤية ولهذا لم تجز الإجازة فلا يجوز الفسخ وقال بعضهم يجوز وهو الصحيح لان هذا عقد غير لازم فكان محل الفسخ كالعقد الذي فيه خيار العيب وعقد الإعارة والايداع وقد خرج الجواب عن قولهم إنه لا خيار قبل الرؤية لان ملك الفسخ لم يثبت حكما للخيار وإنما يثبت حكما لعدم لزوم العقد والله عز وجل أعلم (وأما) بيان كيفية ثبوت الخيار فقد اختلف المشايخ فيه قال بعضهم ان خيار الرؤية بعد الرؤية يثبت مطلقا في جميع العمر إلى أن يوجد ما يبطله فيبطل حينئذ والا فيبقى على حاله ولا يتوقف بامكان الفسخ وهو اختيار الكرخي لان سبب ثبوت هذا الخيار هو اختلال الرضا والحكم يبقى ما بقي سببه وقال بعضهم انه يثبت موقتا إلى غاية امكان الفسخ بعد الرؤية حتى لو رآه وأمكنه الفسخ ولم يفسخ يسقط خياره وان لم توجد الأسباب المسقطة للخيار على ما نذكرها إن شاء الله تعالى لان من الأسباب المسقطة للخيار الرضا والإجازة والامتناع من الفسخ بعد الامكان دليل الإجازة والرضا والله عز وجل أعلم (وأما) بيان ما يسقط بالخيار بعد ثبوته ويلزم البيع وما لا يسقط ولا يلزم فنقول وبالله التوفيق ما يسقط به الخيار بعد ثبوته ويلزم البيع في الأصل نوعان اختياري وضروري والاختياري نوعان صريح وما يجرى مجرى الصريح ودلالة (أما) الصريح وما في معناه فنحو أن يقول أجزت البيع أو رضيت أو اخترت أو ما يجرى هذا المجرى سواء علم البائع بالإجازة أو لم يعلم لان الأصل في البيع المطلق هو اللزوم والامتناع لخلل في الرضا فإذا أجاز ورضى فقد زال المانع فيلزم (وأما) الدلالة فهو أن يوجد من المشترى تصرف في المبيع بعد الرؤية يدل على الإجازة والرضا نحو ما إذا قبضه بعد الرؤية لان القبض بعد الرؤية دليل الرضا بلزوم البيع لان للقبض شبها بالعقد فكان القبض بعد الرؤية كالعقد بعد الرؤية وذاك دليل الرضا كذا هذا وسواء قبضه بنفسه أو وكيله بالقبض بأن قبضه الوكيل وهو ينظر إليه وكانت رؤيته كرؤية الموكل عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد لا يسقط خياره بقبض الوكيل مع رؤيته ولقب المسألة ان الوكيل بالقبض يملك اسقاط خيار الرؤية عنده وعندهما لا يملك وأجمعوا على أن الرسول بالقبض لا يملك وأجمعوا على أن الوكيل بالشراء يملك وكانت رؤيته رؤية الموكل وأجمعوا على أن الرسول بالشراء
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306