بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٣٠٥
(وجه) الرواية المشهورة ان الاذن بالقبض لم يوجب نصا ولا سبيل إلى اثباته بطريق الدلالة لما ذكرنا ان في القبض تقرير الفساد فكان الاذن بالقبض اذنا بما فيه تقرير الفساد فلا يمكن اثباته بطريق الدلالة وبه تبين ان العقد الفاسد لا يقع تسليطا على القبض لوجود المانع من القبض على ما بينا بخلاف الهبة لان هناك لا مانع من القبض فأمكن اثباته بطريق الدلالة ما دام المجلس قائما وإنما شرط المجلس لان القبض بالهبة بمنزلة الركن فيشترط له المجلس كما يشترط للقبول والله عز وجل أعلم (وأما) البيع الباطل فهو كل بيع فاته شرط من شرائط الانعقاد من الأهلية والمحلية وغيرهما وقد ذكرنا جملة ذلك في صدر الكتاب ولا حكم لهذا البيع أصلا لان الحكم للموجود ولا وجود لهذا البيع الا من حيث الصورة لان التصرف الشرعي لا وجود له بدون الأهلية والمحلية شرعا كما لا وجود للتصرف الحقيقي الا من الأهل في المحل حقيقة وذلك نحو بيع الميتة والدم والعذرة والبول وبيع الملاقيح والمضامين وكل ما ليس بمال وكذا بيع صيد الحرم والاحرام لأنه بمنزلة الميتة وكذا بيع الحر لأنه ليس بمال وكذا بيع أم الولد والمدبر والمكاتب والمستسعى لان أم الولد حرة من وجه وكذا المدبر فلم يكن مالا مطلقا والمكاتب حر يد فلم يكن مالا على الاطلاق والمستسعى عند أبي حنيفة بمنزلة المكاتب وعندهما حر عليه دين وكذا بيع الخنزير من المسلم لأنه ليس بمال في حق المسلم وكذا بيع الخمر لأنها ليست بمتقومة في حق المسلم لان الشرع أسقط تقومها في حق المسلمين حيث أهانها عليهم فيبطل ولا ينعقد لأنه لو أنعقد اما أن ينعقد بالمسمى واما أن ينعقد بالقيمة لا سبيل إلى الأول لان التسمية لم تصح ولا سبيل إلى الثاني لأنه لا قيمة له إذ التقويم يبنى عن العزة والشرع أهان المسمى على المسلم فكيف ينعقد بقيمته ولا قيمة له وإذا لم ينعقد يبطل ضرورة ومن مشايخنا من فصل في بيع الخمر تفصيلا فقال إن كان الثمن دينا بأن باعها بدراهم فالبيع باطل وإن كان عينا بأن باعها بثوب ونحوه فالبيع فاسد في حق الثوب وينعقد بقيمة الثوب لان مقصود العاقدين ليسن هو تملك الخمر وتمليكها لأنها لا تصلح للتملك والتمليك في حق المسلم مقصود بل تمليك الثوب وتملكه لان الثوب يصلح مقصودا بالتملك والتمليك فالتسمية ان لم تظهر في حق الخمر تظهر في حق الثوب ولا مقابل له فيصير كان المشترى باع الثوب ولم يذكر الثمن فينعقد بقيمته بخلاف ما إذا كان الثمن دينا لان الثمن يكون في الذمة وما في الذمة لا يكون مقصودا بنفسه بل يكون وسيلة إلى المقصود فتصير الخمر مقصودة بالتمليك والتملك فيبطل أصلا (أما) بيع الخمر والخنزير فلا يبطل بل يفسد وينعقد بقيمة العبد لان العبد مال متقوم وكذا الخمر والخنزير في حق أهل الذمة والخمر مال في حقنا الا انه لا قيمة لها شرعا فإذا جعل الخمر والخنزير ثمنا فقد ذكر ما هو مال وكون الثمن مالا في الجملة أو مرغوبا فيه عند الناس بحيث لا يؤخذ مجانا بلا عوض يكفي لانعقاد العقد لان البيع مبادلة المال بالمال أو مبادلة شئ مرغوب بشئ مرغوب الا ان كون المعقود عليه متقوما شرط الانعقاد وقد وجد وكذا بيع العبد والمدبر وأم الولد والمكاتب والمستسعى لأن هذه الأموال في الجملة مرغوب فيها فينعقد العقد بقيمة العبد وكذا بيع العبد بما يرعى إبله من أرضه من الكلأ أو بما يشرب من ماء بئره لان المذكور ثمنا مال متقوم الا انه مباح غير مملوك وكذا هو مجهول أيضا فانعقد بوصف الفساد بقيمة المبيع واختلف مشايخنا في بيع العبد بالميتة والدم قال عامتهم يبطل وقال بعضهم يفسد والصحيح انه يبطل لان المسمى ثمنا ليس بمال أصلا وكون الثمن مالا في الجملة شرط الانعقاد وكذا اختلفوا فيما إذا قال بعت بغير ثمن قال بعضهم يبطل واليه ذهب الكرخي من أصحابنا وقال بعضهم يفسد ولا يبطل كما إذا باع وسكت عن ذكر الثمن وقد ذكرنا وجه كل واحد من القولين فيما تقدم ثم إذا باع مالا بما ليس بمال حتى بطل البيع فقبض المشترى المال باذن البائع هل يكون مضمونا عليه أو يكون أمانة اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يكون أمانة لأنه مال قبضه باذن صاحبه في عقد وجد صورة لا معنى فالتحق العقد بالعدم وبقى اذنه بالقبض وقال بعضهم يكون مضمونا عليه لان المقبوض على حكم هذا البيع لا يكون دون المقبوض على سوم الشراء وذلك مضمون فهذا أولى (وأما) البيع الموقوف فهو بيع مال الغير بغير اذن صاحبه وهو المسمى ببيع الفضولي ولا حكم له يعرف للحال لاحتمال
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306